أهابُ دموع الرجال كثيرًا، وأهاب صمتهم، وحزنهم وتعبهم؛ وخاصة كبار السّن. منظر الكبر على الرجل، والتعب الذي يجري مجرى تجاعيد خدّيه، ولحيته البيضاء، وتشققات يديه التي شكّلتها عليه صروف الزمان ومصاعِبه؛ منظر مهيبٌ جدًا، ولا يكاد يحتملانه عيناي وقلبي؛ فما بالك لو كان هذا الشيخ والدًا. ‏هذا السّياق المؤلم من الحديث؛ ذكّرني كثيرًا
‏بمقولة قد قرأتها لمحمود درويش، يقول فيها:
‏«يا أَبي، هل تَعِبْت
‏أَرى عرقًا في عيونكَ؟»
‏هذا التساؤل المؤلم في حدّ ذاته؛ كافٍ حقًا ليجعلك تتمنّى من صميم قلبك؛ لو أن الآباء لا يتعبون ولا يشيخون أبدًا.

«شوقٌ يخض دمي إليه
‏كأن كل دمي اشتهاء،
‏جوعٌ إليه
‏كجوعِ كل دَمِ الغريقِ إلى الهواء»
‏- بدر شاكر السيّاب

‏«شوقًا تعثّر بي في زحمةِ الخجلِ
‏أن لا أُطيقَ له وصفًا على عجلِ»
‏-الجواهري

‏وأنا متعبٌ يا أمي
‏مجهدٌ كثيراً من وطأةِ الأيام
‏وقلِقٌ مِمّا سيؤولُ إليهِ مصيري
‏أريدُ أن أبكي كيّ أتنفسَ أكثر
‏فالغصّةُ تملأ قلبي إلى فمهِ النازف
‏وحلقي جافٌ كصحراء خامدةٍ في الداخل ..!

‏- محمود درويش ..

يومَ كنّا والهوى غضٌّ وما
‏فُتِحَتْ إلاّ على الطُهْر العُيون
‏ما عَلِمنا كيفَ كُنّا ،
‏وكذا دينُ أهل الحبِّ
‏والحبُّ جُنون ..

‏- الجواهري

لبلاغة الإيجاز في اللغة؛ استخدام مفردة لغرضين دالة المعنيين:

‏«وقد غَرضتُ¹ من الدنيا فهل زمني
‏مُعطٍ حياتي لغرٍّ بعدُ ما غَرِضا؟»
‏— المعري

‏«أني غرِضتُ² إلى تناصُف وجهِها
‏غرضَ المُحبِّ إلى الحبيبِ الغائبِ»
‏— ابن هرمة

‏ــــــــــــــــــــــــ
‏¹ ضجرت ومللت
‏² أشتقت

قلَّ صبري على زمانِ ألدِّ
وخُطوبٍ ألبَسَنْنَي غيرَ بُردي
وتقاليدَ لا تطاقُ وناسٍ
لا يُجيدون غيرَ لُؤمٍ وحِقْد
آنست مَنْ معي قوافٍ حِسانٌ
سوف تبقى أُنْسَ الشجييِّن بعدي
**حملتْ همَّهُمْ ورُحْتُ غريباً
عنهمُ حاملاً هموميَ وحدي

أفرَشوني شوكَ القتاد وخصُّوا
بالرياحين كلَّ جِبْسٍ ووَغْد

وزَوَوْا كلَّ ما أودُّ احتكاراً
وأتوني بكل ما لم أودّ
وأجالوا أفراسَهُمْ في مَلاهٍ
ضربوا بينها وبيني بِسُدّ
ثم قالوا صفِ الحياةَ بلطفٍ
رغمَ أنَّ الحياةَ تجري بضدي
كيف يسطيعُ رسمَ شَكلِ المسرّاتِ
نزيلٌ في غرفة مثلِ لَحْد**
-مُحمد مهدي الجواهري

اللِّقاءُ يَذْهَبُ بالسَّخَائم فكأنّ نَظَرَ العين إلى العين يُصلِحُ القلوب.

- ابن حزم الأندلسي.

يقول ابن خلدون :
‏"من وقع عليه القهر ولم يدفعهُ عن نفسه اكتسب طبع المذلة!".

‏ومثله قال المتنبي :
‏"مَن يَهُن يَسهُلِ الهَوانُ عَلَيْهِ
‏ما لِجُرحٍ بِمَيِّتٍ إيلامُ".

‏"من أرقى أنواع رفاهيّة الرّوح أن يكون انفرادك بنفسك هو متعتك الحقيقيّة، فمن لا يأنس بذاته لا يأنس بشيء آخر."

‏- جلال الدين الرومي