لم تنجُ الفاشية من عبادة الأوثان، فلقد اشتكى الكاثوليك لفترة من استخدام المصطلحات والطقوس اللاهوتية لتمجيد الفاشية والمهرجانات الفاشية. ففي عدة مناسبات، سمح الخطباء والصحفيون والقساوسة بتمرير كلمة الله، ونسبوها إلى موسوليني، وكلمة ألوهية عند الحديث عن إيطاليا. ص١٥١

لم نجد في ألمانيا وروسيا وتشيكوسلوفاكيا مؤمنين بالشيوعية، لأن الشيوعية كانت قد تفرغت من الداخل، وتجوفت، وأصبحت طقوسًا مملة، أما في بلداننا، فكان الشيوعيون العرب يتدينون بالشيوعية، ويتعاملون معها كأنها عقيدة دينية، أو كنيسة بديلة أو إسلام بديل. وحتى حين انهار المعسكر الاشتراكي، استمر عدد منهم في التعصب للشيوعية كأنها طائفة دينية. لكن حتى هذا اندثر الآن، ولم تبقَ إلا أقلية متعصبة.ص٧٢

استحوذت هذه الانتفاضة (السادو مازوخية) لصور العنف الجنسية طاقتها من غضب الرجل وذنب المرأة بوصول المرأة إلى السلطة. وبينما كانت النساء الجميلات في الخمسينيات يتزوجن أو يُغرر بهن الرجال، فإن الجمال في ثقافة اليوم يتعرض للاغتصاب.

وجاء اليوم المحدد للرحلة المثيرة، أول رئيس عربي يضع قدمه في القدس المحتلة، ثم يكون ذلك يوم وقفة عرفة. كان العالم كله مشدودًا بالانبهار، وكان العالم العربي على العكس مشدوهًا بالصدمة. حتى أن الملك خالد ملك المملكة العربية السعودية وقتها، وهو بطبيعته رجل قليل الكلام ، لم يستطع إخفاء أساه. ولقد قال: يومها كنت ذاهبًا لأغسل الكعبة الشريفة في وقفة عرفة، ودخلت البيت العتيق، ولم أتعود في بيت الله أن أدعو على أحد، وإنما تعودت أن أدعو لكثيرين. وبالرغم مني في ذلك اليوم فقد وجدتني أبتهل إلى الله بأن تسقط الطائرة التي تقل أنور السادات إلى القدس وتتحطم قبل أن يصل إليها، وحتى لا يفضح المسلمين والعرب بذهابه هناك، ولقد راعني أن أدعو على مسلم داخل الكعبة، لكن الرجل لم يترك لي خيار).ص٢٤٠

النفاق الإعلامي العالمي في الحرب على غزة.

دع عنك مشاتمتهم، فالذي بيننا وبينهم أكبر من المشاتمة.

من الذي كان يسدد ثمن كل هذا السلاح الذي استعمل في حرب لبنان في حين كان اقتصاده منهارًا منذ العام ١٩٧٦؟

‏في العام ١٩٨٩، العام قبل الأخير من المواجهات المسلحة، بلغ الحد الأدنى للأجور ٧٥ دولارًا في الشهر والفقر يحدق بنسبة كبرى من الشعب اللبناني.

أصبحت بيروت سوقًا حرة للتجارة بكل أنواع الأسلحة من الشرق والغرب، وأصبحت الأسلحة الفردية متداولة بين الناس وتباع على الأرصفة إلى جانب السجائر والويسكي المهرب.

في عام ١٩٨٣، قُدرت قيمة الأسلحة والذخائر والمعدات في مواجهة واحدة بين ميليشيا حركة أمل الشيعية وميليشيا الحزب التقدمي الاشتراكي الدرزية بـ٢٧ مليون دولار. أما في آخر عام ١٩٨٥ فقد قدرت قيمة الذخائر التي أُطلقت ابتهاجًا بعيد رأس السنة في سائر المناطق اللبنانية بـ٥ ملايين دولار.

أما المعارك التي نشبت في المناطق المسيحية في شرق وشمال بيروت عام ١٩٩٠ بين الميليشيا المسيحية والجيش اللبناني بقيادة الجنرال ميشال عون، فقد أحدثت ١،٥ مليار دولار خسائر اقتصادية وعسكرية.

في لبنان ولتحقيق جميع الأهداف كان حافظ الأسد مستعدًا لأن يدعم الطائفة المارونية ومؤسساتها ضد الأكثرية المسلمة. بهذه الطريقة وجد نفسه في تعاون غير متوقع وصعب ومتشنج مع الإسرائيليين.

ازدادت مخاطر استيلاء المنظمات الفلسطينية المتحالفة مع الأحزاب اللبنانية المسماة (تقدمية) على السلطة تحت رعاية موسكو المؤيدة لهذا التحالف. وانتاب الخوف البلدان العربية القريبة من الغرب المساعدة للحركات الفلسطينية، فقدمت في الوقت نفسه الدعم العسكري والمالي إلى ميليشيا حزب الكتائب ذات الميول الفاشية التي قررت أن تتصدى بالقوة لتجاوزات الوجود الفلسطيني في لبنان. وهذا الحزب، الذي يشكل في الواقع أقلية في البرلمان اللبناني، طرح نفسه علانية على أنه الحزب المدافع عن المسيحيين ضد ائتلافٍ هدفه، بالنسبة إليه، ضرب التعايش الإسلامي-المسيحي.

على أن من أسباب قلة تفسيرهم للقرآن، إضافةً إلى احتياطهم وتحاميهم عنه، أنهم كانوا يفهمونه حق الفهم بسبب تلك المعايشة الطويلة لتنزيله على النبي ﷺ، ولم تُلجئهم الحاجة إلى التفسير إلا حين ظهرت طبقة التابعين وغيرهم ممن لم يحضروا عصر التنزيل، مما يصور قيمة معاصرة الوحي وأثرها في فهم مصادر التشريع؛ وهو ما بلغوا فيه الذروة من الإحاطة والفهم.

‏ولم يكن الأمر قاصرًا على فهمهم العميق للقرآن وإحاطتهم بأسباب نزوله؛ بل نجد أن كفاءة الملكة لدى بعضهم قد بلغت أن يأتي القرآن موافقًا لاجتهاداتهم بعد أن تصدر منهم في مواقع عديدة، وما موافقات القرآن لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في قصة أسارى بدر، واتخاذ مقام إبراهيم مصلى، والحجاب، وترك الصلاة على عبدالله بن أبي بن سلول؛ إلا شهادة عظيمة له ببلوغ ذروة الاجتهاد التشريعي، واجتياز حد النضج بمراحل جعلت من نفاذ بصيرته فيصلاً للتفرقة بين صحيح الاجتهاد وخطئه. كما كانت تلك الموافقات إرهاصًا بالأعمال والتنظيمات العظيمة التي تمت بعد ذلك في عهده، وكانت شهادةً سابقةً من عالم الغيب له ولعقليته الاجتهادية لا تعدلها أيُّ شهادةٍ أخرى. ص١٩١