○◎

وسائل تعويد الصِّبيان علىٰ الصِّيام

ـ ينتظم ذلك في أمور ؛ منها :

١- تحديثهم بفضائل الصِّيام وأنَّه سبب مهم من أسباب دخول الجنَّة ، وأنَّ في الجنَّة باباً يُسمَّىٰ الريَّان يدخل منه الصَّائمون .

٢- التَّعويد المسبق علىٰ الصِّيام ، كصيام بضعة أيام من شهر شعبان ؛ حتَّىٰ لا يفجؤهم الصَّوم في رمضان .

٣- صيام بعض النَّهار فقط ، وتزاد المدة شيئاً فشيئاً .

٤- تأخير السُّحور إلىٰ آخر الليل ، ففي ذلك إعانة لهم علىٰ صيام النَّهار .

٥- تشجيعهم علىٰ الصِّيام ببذل جوائز تُدفع لهم كلَّ يوم ؛ أو كلّ أسبوع ، كما كان يفعل السَّلف الصَّالح في ترغيب أبنائهم علىٰ العبادات ؛ بمنحهم ما يحبِّون من الهدايا .

❐ عن عائشة ـ رضي ﷲ عنها ـ قالت : كنَّا نأخذ الصِّبيان من الكُتَّاب فنقدِّمهم ؛ يُصلُّون لنا شهر رمضان ، ونعمل لهم القِلية والخشكنان ⑴.
ـ القِلية والخشكنان : نوع من أنواع الطَّعام والحلوىٰ .

٦- الثَّناء عليهم ؛ فمن شأن ذلك أن يرفع معنوياتهم وأن يدفعهم إلىٰ الاستمرار في الصِّيام .

٧- بذل روح التَّنافس لمن عنده أكثر من طفل .

٨- إلهاء من يجوع منهم بالنَّوم ، أو بألعاب مباحة ؛ كما كان الصَّحابة الكرام يفعلون مع صبيانهم .

❐ عن الرَّبيع بنت معوِّذ - رضي ﷲ عنها - قالت : كنَّا نُصوِّم صِبياننا ، ونجعل لهم اللُّعبة من العهن ؛ فإذا بكىٰ أحدهم علىٰ الطَّعام أعطيناه ذاك ؛ حتَّىٰ يكون عند الإفطار ⑵.

٩- وننبِّه إلىٰ أنَّه إذا بلغ الجهد من الطِّفل مبلغه أن لا يصرَّ عليه إكمال الصَّوم ؛ حتَّىٰ لا يتسبَّب ذلك في بغضه للعبادة ، أو يتسبَّب له في الكذب ، أو في مضاعفات مرضية ؛ فينبغي التَّنبه لهذا ، وعدم التَّشدد في أمره بالصِّيام .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. الأوسط ‹ ٤/١٥٠ › .
⑵. رواه البخاري ‹ ١٩٦٠ › .

○◎

متىٰ يؤمر الصَّبي بالصِّيام ؟

كان السَّلف - رحمهم ﷲ - يأمرون صبيانهم بالصِّيام إذا أطاقوه : عن هشام بن عروةَ - رحمه ﷲ - قال : كان أبي يأمر الصِّبيان بالصَّلاةِ إذا عقَلُوها ؛ والصِّيام إذا أطاقوه .

وروي نحوه عن الزُّهري ، وابن سيرين ، والأوزاعي ، وقتادة ، وأحمد وغيرهم ⑴.

وأمر الصِّبي بالصِّيام إنَّما هو من باب النَّدب ؛ والتَّعود علىٰ الطَّاعة والعبادة ؛ لأنَّهم ليسو من المكلَّفين شرعاً بالصِّيام ؛ لعدم بلوغهم ، ولكنَّ ﷲ تعالىٰ كلَّف الوالدين بتربية أولادهم علىٰ العبادات ، فأمرهم ﷲ تعالىٰ بتعليمهم الصَّلاة وهم أبناء سبع سنين ، وضربهم عليها وهم أبناء عشر .

كما كان الصَّحابة - رضي ﷲ عنهم - يُصوِّمون أولادهم في صغرهم تعويداً لهم علىٰ هذه الطَّاعة العظيمة ، وكلّ ذلك يدلُّ علىٰ عظيم الاهتمام بالذُّريَّة لتنشئتها علىٰ خير ما يكون من الصِّفات ، والأفعال .

❐ قال ابن المنذر رحمه ﷲ : ويؤمر الصَّبي بالصَّوم إذا أطاقه ، أمرَ ندبٍ ⑵.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. مصنف عبد الرزاق ‹ ٤/١٥٣ › .
⑵. الإقناع ‹ ١٩٤/١ › .

○◎

**من الرَّحمة بالأبناء

أمرهم بشرائع الإسلام ‹ الصِّيام ›**

نصَّ أهل العلم علىٰ أنَّ الولي يأمر من له ولاية عليه من الصِّغار بالصَّوم من أجل أن يتمرَّنوا عليه ، ويألفوه ، وتتطبَّع أصول الإسلام في نفوسهم

حتَّىٰ تكون كالغريزة لهم ؛ ولكن إذا كان يشقُّ عليهم أو يضرُّهم ، فإنَّهم لا يُلزمون بذلك .

وإنَّني أنبِّه هنا علىٰ مسألة يفعلها بعض الآباء أو الأمَّهات ؛ وهي منع صبيانهم من الصِّيام علىٰ خلاف ما كان الصَّحابة ـ رضي ﷲ عنهم ـ يفعلون ؛ يدَّعون أنَّهم يمنعون هؤلاء الصِّبيان رحمة بهم وإشفاقًا عليهم .

والحقيقة أنَّ رحمة الصِّبيان : أمرهم بشرائع الإسلام ، وتعويدهم عليها ، وتأليفهم لها ؛ فإنَّ هذا بلا شك من حسن التَّربية وتمام الرِّعاية .

فقد كان الصَّحابة ـ رضي ﷲ عنهم ـ يُصوِّمون أولادهم حتَّىٰ أنَّ الصَّغير منهم ليبكي فيعطونه اللُّعب يتلهَّىٰ بها .

فالذي ينبغي علىٰ أولياء الأمور بالنِّسبة لمن ولَّاهم ﷲ عليهم من الأهل والصِّغار أن يتَّقوا ﷲ تعالىٰ فيهم ، وأن يأمروهم بما أُمِروا أن يأمروهم به من شرائع الإسلام ؛ فإنَّهم مسؤلون .

لقول النَّبيِّ ﷺ : « والرَّجلُ في أهلهِ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيَّته ، والمرأةُ في بيتِ زوجِها راعيةٌ وهي مسؤولةٌ عن رعيَّتهَا » ⑴.

فالرَّحمة الحقيقيَّة بالأولاد هي في أمرهم بالصِّيام إذا كانوا يطيقونه ؛ وليس من الرَّحمة في شيء أمرهم بالإفطار وهم متحمِّسون للصِّيام .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه البخاري ‹ ٢٤٠٩ › .

○◎

اللِّباس والزِّينة للصِّبيان

حديث ‹ ١٤ ›

عن أمِّ خالد بنت خالد رضي ﷲ عنها : أُتيَ النَّبي ﷺ بثياب فيها خَمِيصة سوداءُ صغيرةٌ
فقال : « من ترون أن نكسوَ هذه ؟ »
فسكت القوم ؛ فقال : « ائتوني بأمِّ خالد »
فأُتيَ بها تُحمَل ، فأخذ الخميصة بيده فألبسها
وقال : « أَبْلِي وأَخْلِقي »
وكان فيها علم أخضر أو أصفر
فقال : « يا أمَّ خالدٍ ؛ هذا سناه » .
وسناه بالحبشيَّة : حَسَن ⑴.

الأحكام والآداب المتعلِّقة بالحديث :

١- كان النَّبي ﷺ ؛ وأصحابه ـ رضي ﷲ عنهم ـ يهتمُّون بتحلية البنات ، وتزيينهنَّ بأحسن اللِّباس والزِّينة .

ـ عن أبي هريرة ـ رضي ﷲ عنه ـ قال : خرجت مع رسول ﷲ ﷺ .. الحديث
وفيه : حتَّىٰ أتىٰ خباء فاطمة فقال : « أَثمَّ لُكَعُ ، أَثمَّ لُكَعُ » ـ يعني حسناً ـ فظننا أنَّه إنَّما تحبسه أُمَّه ، لأن تُغسِله وتُلبسه سِخاباً ؛ فلم يلبث أن جاء يسعىٰ حتَّىٰ اعتنق كلَّ واحد منهما صاحبه
فقال رسول ﷲ ﷺ : « اللهم إنِّي أُحبُّه فأحِبَّه » ⑵.

- قال الأصمعي : اللكع : هو العيي الذي لا يتَّجه لمنطق ولا غيره .

٢- كان الصَّحابة ـ رضي ﷲ عنهم ـ يُلبسون صبيانهم ذكوراً وإناثاً : ‹ السِّخاب ›
وهي : عبارة عن قلادة توضع في عنق الصَّبي من الطِّيب والقرنفل ، ليس فيها من الجوهر شيء .

ـ ولقد بوب البخاري في صحيحه : ‹ باب السِخاب للصِّبيان › ثمَّ ذكر حديث أبي هريرة ـ رضي ﷲ عنه ـ قال : ظننت أنَّ أمَّه حبسته ، لتجعل في عنقه السِخاب .

٣- لا يجوز تحلية الذكور من الصِّبيان بالذَّهب .

ـ قال يحيىٰ : سمعت مالكاً يقول : وأنا أكره أن يلبس الغلمان شيئاً من الذَّهب ؛ لأنَّه بلغني أنَّ رسول ﷲ ﷺ نهىٰ عن تختم الذَّهب ؛ فأنا أكرهه للرِّجال الكبير منهم والصَّغير .

٤- من السُّنَّة أن يُقال للصَّبي وغيره إذا لبس ثوباً جديداً كما قال النَّبي ﷺ : « أبْلِي واخْلِقي » إمَّا ثلاث مرَّات ، أو مرَّتين ، وكلاهما في ‹ الصحيح › عند البخاري .

ـ ومعناه : يُطلق ويُراد به الدُّعاء ؛ أي أنَّها تطول حياتها حتَّىٰ يبلىٰ الثَّوب ويَخلق .

٥- في الحديث : تشجيع الصِّبيان ؛ ومدحهم إذا لبسوا الجديد من الثِّياب ، واهتموا بنظافة أنفسهم ؛ بالقول لهم : كما قال النَّبي ﷺ لأم خالد وكانت صغيرة « يا أمَّ خالد هذا سناه » .

٦- في الحديث تكنية البنات الصِّغار ؛ فإنَّ النَّبي ﷺ قال لها وهي صبيَّة صغيرة : « يا أمَّ خالد » واسمها : أمة بنت خالد بنت سعيد بن العاص .

٧- دلَّ الحديث : علىٰ مخاطبة الصِّبيان بلغتهم التي يعرفونها ؛ فإنَّ النَّبي ﷺ خاطبها باللغة التي تعرفها وهي لغة الحبشة ؛ فقال : « يا أمَّ خالدٍ ؛ هذا سناه » وسناه بالحبشيَّة : حَسَن .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه البخاري ‹ ٥٨٢٣ ›
⑵. رواه البخاري ‹ ٢١٢٢ › .

○◎

تكنية الصِّبيان

من السُّنن المهجورة عند كثير من الناس : تكنية الصِّبيان .

كان السَّلف الصَّالح يُكنُّون الصَّبي عند ولادته ؛ وذلك تفاؤلاً بأنَّه سيعيش حتَّىٰ يولد له ؛ وللأمن من التَّلقيب ؛ لأنَّ الغالب أنَّ من يذكر شخصاً فيعظمه ، أن لا يذكره باسمه الخاص به ؛ فإذا كان له كنية أمِن من تلقيبه .

❐ فقد رُوي عن عمر بن الخطَّاب ـ رضي ﷲ عنه ـ أنَّه قال : عجِّلوا بكُنىٰ أولادكم لا تسرع إليهم ألقاب السُّوء .

ــ وقد كنَّىٰ النَّبي ﷺ أخاً لأنس ـ رضي ﷲ عنه ـ وكان فطيماً بأبي عُمير .

❐ عن أنس بن مالك ـ رضي ﷲ عنه ـ قال : كان رسول ﷲ ﷺ يدخل علينا ؛ ولي أخٌ صغير يُكنى أبا عمير ، وكان له نُغَرٌ يلعبُ به فمات ؛ فدخل عليه النَّبي ﷺ ذات يوم فرآه حزيناً
فقال : « ما شأنه ؟ » .
قالوا : مات نُغَره .
فقال : « يا أبا عُمير ما فعل النُّغَير ؟ » ⑴.

ــ وكنَّىٰ النَّبي ﷺ جارية صغيرة ؛ بأمِّ خالد .

❐ عن أمِّ خالد بنت خالد ـ رضي ﷲ عنها ـ : أُتيَ النَّبي ﷺ بثياب فيها خَمِيصة سوداءُ صغيرةٌ
فقال : « من ترون أن نكسوَ هذه ؟ »
فسكت القوم ؛ فقال : « ائتوني بأمِّ خالد »
فأُتيَ بها تُحمَل ، فأخذ الخميصة بيده فألبسها
وقال : « أَبْلِي وأَخْلِقي »
وكان فيها علم أخضر أو أصفر
فقال : « يا أمَّ خالدٍ ؛ هذا سناه » ⑵.
وسناه بالحبشيَّة : حَسَن .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه البخاري ‹ ٦٢٠٣ › .
⑵. رواه البخاري ‹ ٥٨٢٣ ›

○◎

أسماء يُكره التَّسمِّي بها

الأسماء التي نصَّ أهل العلم علىٰ كراهتها كثيرة ؛ ومنها :

١- التَّسمِّي بما فيه تزكية .

ــ عن يزيد بن أبي حبيب ؛ عن محمَّد بن عمرو بن عطاء قال : سمَّيتُ ابنتي بَرَّة ؛ فقالت لي زينب بنت أبي سلمة : إنَّ رسول ﷲ ﷺ نهىٰ عن هذا الاسم ، وسُمِّيت برَّة ؛ فقال رسول ﷲ ﷺ : « لا تُزكوا أنفسكم ، ﷲ أعلم بأهل البِرِّ منكم » .
فقالوا : بمَ نُسمِّيها ؟
قال : « سمُّوها زينب » ⑴.

٢- ومن الأسماء المكروهة التي نهىٰ النَّبي ﷺ عن التَّسمِّي بها :

ــ عن سمرة بن جندب ـ رضي ﷲ عنه - قال : قال رسول ﷲ ﷺ : « لا تُسمِّينَّ غلامك يساراً ، ولا رباحاً ولا نجيحاً ، ولا أفلح ، فإنَّك تقول أثمَّ هو ؟ فلا يكون ، فيقول : لا » ⑵.

ــ ويُقاس عليها : مُبارك ، ومفلح ، وخير ، ونعمة ، وما أشبه ذلك .
فإنَّ المعنىٰ الذي كره له النَّبي ﷺ التَّسمِّي بتلك الأربع موجود فيها ؛ فإنَّه يُقال : أعندك خير ؟ أعندك نعمة ؟
فيقول : لا .
فتشمئزُّ القلوب من ذلك وتتطيَّر به ، وتدخل في باب المكروه .

٣- أسماء الفراعنة والجبابرة : كفرعون ، وقارون ، وهامان .

٤- أسماء الملائكة : كجبرائيل ، وميكائيل ، وإسرافيل ؛ فإنه يُكره تسمية الآدميين بها .

ــ قال أشهب : سُئِل مالك عن التَّسمي بجبريل ؟ فكره ذلك ولم يعجبه .

٥- وممَّا يُمنع التَّسمية به : أسماء القرآن وسوره ؛ مثل : ‹ طه › و ‹ يس › و ‹ حم › ؛ وقد نصَّ مالك ـ رحمه ﷲ ـ علىٰ كراهة التَّسمية بـ ‹ يس › . ذكره السُّهيلي .

٦- يُكره التَّسمِّي بأسماء الفُسَّاق : من الممثِّلين ، والمطربين ، واللاعبين .

٧- يُكره التَّسمي بأسماء الحيوانات المشهورة بالصَّفات المُستهجنة ؛ ومنها : حمار ، قردان ، كلب ؛ أو معانٍ غير مرغوب فيها .

ــ عن يحيىٰ بن سعيد ـ رحمه ﷲ ـ أنَّ رسول ﷲ ﷺ قال لِلِّقْحَةِ تُحلَب : « من يحلب هذه ؟ »
فقام رجل ، فقال له رسول ﷲ ﷺ : « ما اسمك ؟ »
قال الرجل : مُرَّة .
فقال له رسول ﷲ ﷺ : « اجلس » .
ثمَّ قال : « من يحلب هذه ؟ »
فقام رجل ، فقال له رسول ﷲ ﷺ : « ما اسمك ؟ »
فقال : حرب .
فقال له رسول ﷲ ﷺ : « اجلس »
ثمَّ قال : « من يحلب هذه ؟ »
فقام رجل ، فقال رسول ﷲ ﷺ : « ما اسمك ؟ »
قال : يَعيش .
فقال له رسول ﷲ ﷺ : « احْلُبْ » ⑶.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه مسلم ‹ ٥٦٦٠ › .
⑵. رواه مسلم ‹ ٥٦٥٢ › .
⑶. الموطأ ‹ ٩٧٣/٢ › .

○◎

أسماء يُنهىٰ عن التَّسمِّي بها

ذكر أهل العلم أنَّ هناك أسماء يُنهىٰ عن التَّسمِّي بها ؛ ومنها :

١- كلُّ اسم معبَّد لغير ﷲ : كعبد العُزىٰ ، وعبد الحجر ، وعبد الكعبة وما أشبه ذلك .

ــ عن هانىء بن يزيد - رضي ﷲ عنه - قال : وفد علىٰ النَّبي ﷺ قوم فسمعهم يُسمُّون عبد الحجر
فقال له : « ما اسمك ؟ »
فقال : عبد الحجر .
فقال له رسول ﷲ ﷺ : « إنَّما أنت عبد ﷲ » ⑴.

٢- التَّسمي بأسماء الربِّ تبارك وتعالىٰ .

فلا يجوز التَّسمي بالأحد ، والصَّمد ، ولا بالخالق ، وكذلك سائر الأسماء المختصَّة بالله تبارك وتعالىٰ ، مثل : الرَّحمـٰن ، الرَّحيم ؛ ولا يجوز تسمية الملوك : بالقاهر ، والجبَّار ..

ولا يجوز كذلك التَّكني بأسماء الربِّ تعالىٰ : كأبي الحكم ، وأبي الأعلىٰ ..

ــ عن هانىء ـ رضي ﷲ عنه ـ : أنَّه لمَّا وفد إلىٰ رسول ﷲ ﷺ إلىٰ المدينة مع قومه سمعهم يُكنُّونه بأبي الحكم ؛ فدعاه ﷺ فقال : « إنَّ ﷲ هو الحكم وإليه الحكم » ثمَّ كنَّاه بأكبر أبنائه فقال : « أنت أبو شُريح » ⑵.

٣- يَحرُم التَّسمي بملك الملوك ، وسلطان السَّلاطين .

ــ عن أبي هريرة - رضي ﷲ عنه - عن النَّبي ﷺ قال : « إنَّ أخنع اسم عند ﷲ رجل تسمَّىٰ ملك الأملاك » ⑶.

ويقاس عليه : قاضي القضاء ؛ وحاكم الحُكام .

وكذلك يَحرُم التَّسمّي بـ ‹ سيِّد النَّاس › كما يحرُم ‹ سيِّد ولد آدم › فإنَّ هذا ليس لأحد إلا لرسول ﷲ ﷺ وحده ؛ فلا يحلُّ لأحد أن يطلق علىٰ غيره ذلك

٤- التَّسمي بالأسماء الأعجميَّة المولِّدة للكافرين الخَّاصة بهم .

وقد عظمت البليَّة في زماننا هذا ؛ فأصبحنا نسمع من الأسماء فيها من المعاني ما يدعو للميوعة والخنا والرذيلة ممَّا يُلتقط من بلاد الكفار ؛ وﷲ المستعان .

٥- التَّسمي بأسماء الشياطين : كخنزب ، الولهان ، والأعور ، والأجدع .

ــ لما روي عن الشعبي ؛ عن مسروق : لقيت عمر بن الخطَّاب - رضي ﷲ عنه - فقال : من أنت ؟
قلتُ : مسروق بن الأجدع .
فقال عمر رضي ﷲ عنه : سمعت رسول ﷲ ﷺ يقول : « الأجدع شيطان » ⑷.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه ابن أبي شيبة .
⑵. رواه أبو داوود .
⑶. رواه البخاري .
⑷. رواه أحمد ‹ ٣١/١ › وفي إسناده ضعف .

◎○

ما يُستحبُّ منَ الأسْمَاء

دلَّت نصوص الشَّرع علىٰ أنَّ هناك أسماءً يُستحبُّ التَّسمي بها ؛ ومنها :

١- استحباب التَّسمية بـ عبد ﷲ و عبد الرحمـٰن .

ــ عن عبد ﷲ بن عمر - رضي ﷲ عنهما - قال : قال رسول ﷲ ﷺ : « إنَّ أحبَّ أسمائكم إلىٰ ﷲ : عبد ﷲ وعبد الرحمـٰن » ⑴.

٢- التَّسمي باسم النَّبي ﷺ ‹ محمَّد › .

ــ عن جابر ـ رضي ﷲ عنه ـ ؛ عن النَّبي ﷺ قال : « تسمّوا باسمي ؛ ولا تكتنوا بكنيتي ، فإنِّي أنا أبو القاسم ؛ أقسم بينكم » ⑵.

٣- التَّسمي بـ أسماء الأنبياء .

ــ عن سعيد بن المسيَّب - رحمه ﷲ - قال : أحبُّ الأسماء إلىٰ ﷲ : أسماء الأنبياء ⑶.

٤- التَّسمي بـ اسم الحارث ؛ وهمام .

ــ عن أبي وهب الجشمي - رضي ﷲ عنه - قال : قال رسول ﷲ ﷺ : « أحبُّ الأسماء إلىٰ ﷲ عبد ﷲ وعبد الرحمـٰن ؛ وأصدقها حارثٌ وهمَّامٌ » ⑷.

٥- التَّسمي بأسماء الصَّالحين .

ــ عن المغيرة بن شعبة - رضي ﷲ عنه - قال : لمَّا قدِمتُ نجران سألوني ..
فقالوا : إنَّكم تقرؤون : { يا أخت هارون } ، وموسىٰ قبل عيسىٰ بكذا وكذا ؟
فلمَّا قدمت علىٰ رسول ﷲ ﷺ سألته عن ذلك
فقال : « إنَّهم كانوا يُسمُّون بأنبيائهم والصَّالحين قبلهم » ⑸.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه مسلم ‹ ٥٦٣٨ › .
⑵. رواه البخاري ‹ ٣٥٣٨ › .
⑶. رواه ابن أبي شيبة ‹ ٥٩٦١ ›
⑷. رواه أحمد ‹ ٣٤٥/٤ › .
⑸. رواه مسلم ‹ ٥٦٤٩ › .

○◎

**تخيَّروا الأسماء لأبنائكم

فإنَّ للأسماء تأثيراً علىٰ مسمَّياتها**

كان رسول ﷲ ﷺ شديد الاعتناء بالأسماء ؛ ومن تأمَّل السُّنَّة وجد معاني في الأسماء مرتبطة بها ، حتَّىٰ كأنَّ معانيها مأخوذة منها ؛ وكأنَّ الأسماء مُشتقة من معانيها ، فتأمَّل قوله ﷺ : « أسلم سالمها ﷲ ، وغِفار غفر ﷲ لها ، وعصيَّة عصت ﷲ » .

ــ وقوله لمَّا جاء سُهيل بن عمرو يوم الصُّلح : « سهُلَ أمرُكم » .

ــ وقوله لبريدة لمَّا سأله عن اسمه ، فقال : بريدة
قال ﷺ : « يا أبا بكر بَرد أمرنا »
ثمَّ قال : « ممن أنت ؟ »
قال : من أسلم .
فقال لأبي بكر : « سلِمنا » .
ثمَّ قال : « مِمن ؟ »
قال : من سهم .
قال : « خرج سهمك » ⑴.

ــ وإذا أردت أن تعرف تأثير الأسماء في مسمياتها ؛ فتأمَّل حديث سعيد بن المسيِّب عن أبيه ، أنَّ أباه جاء إلىٰ النَّبي ﷺ فقال : « ما اسمك ؟ »
قال : حَزْنٌ .
قال : « أنت سهل » .
قال : لا أغيِّر اسماً سمَّانيه أبي .
قال ابن المسيَّب : فما زالت الحزونة فينا بعد ⑵.

وقلَّ أن ترىٰ اسماً قبيحاً إلا وهو علىٰ مسمىٰ قبيح ؛ فإنَّ مسبِّب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات لهذا الأثر ؛ وجعل اجتماعها علىٰ هذا الوجه الخاص موجباً له .

ولقد كان العرب صخورًا وجنادل يوم كان من أسمائهم صخر وجندلة ؛ وكانوا غصصًا وسمومًا يوم كان فيهم مرّة وحنظلة ؛ وكانوا أشواكًا وأحساكًا يوم كان فيهم قتادة وعوسجة ، فانظر ما هم اليوم ، وانظر أيّ أثر تتركه الأسماء في المسمَّيات .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. ذكره أبو عمر في استذكاره .
⑵. رواه البخاري ‹ ٦١٩٣ › .

○◎

**تسمية الصِّبيان

حديث ‹ ١٣ ›**

عن عبد ﷲ بن عمر - رضي ﷲ عنهما - قال : قال رسول ﷲ ﷺ : « إنَّ أحبَّ أسمائكم إلىٰ ﷲ : عبد ﷲ وعبد الرحمـٰن » ⑴.

الأحكام والآداب المتعلِّقة بالحديث :

١- دلَّ الحديث علىٰ استحباب التَّسمية بعبد ﷲ وعبد الرحمـٰن .

٢- أمر النَّبي ﷺ بتحسين الأسماء ؛ وكان ﷺ يعجبه الاسم الحسن ، ويتفاءل به .

ــ عن ابن عباس - رضي ﷲ عنهما - قال : كان رسول ﷲ ﷺ يتفاءل ويُعجبُهُ الاسم الحسن ⑵.

ــ عن أبي الدرداء - رضي ﷲ عنه - قال : قال رسول ﷲ ﷺ : ‹ إنَّكم تُدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم ؛ فأحسنوا أسماءكم » ⑶.

٣- كان ﷺ يكره الأسماء القبيحة ولا تعجبه ؛ بل وكان من هديه ﷺ تغييرها إلىٰ أسماء حسنة .

ــ عن عائشة - رضي ﷲ عنها - : أنَّ النَّبي ﷺ كان يُغيّر الاسم القبيح ⑷.

▪️والأسماء التي غيَّرها النَّبي ﷺ كثيرة جداً ؛ ومنها :

ــ عن ابن عمر - رضي ﷲ عنهما - أنَّ رسول ﷲ ﷺ غيَّر اسم عاصِية ؛ وقال : « أنت جميلة » ⑸.

ــ عن ابن عبَّاس - رضي ﷲ عنهما - قال : كانت جويرية اسمها بَرَّةُ ؛ فحوَّل رسول ﷲ ﷺ اسمها جويرية ؛ وكان يكره أن يُقال : خرج من عند بَرَّة ⑹.

٤- يختار وليُّ الصَّبي الاسم الحسن لأبنائه ؛ لأنَّ للأسماء تأثيراً علىٰ مُسمَّياتها .

ومما يدلُّ علىٰ ذلك قوله ﷺ : « أسلمَ سَالمها ﷲ ؛ وغِفار غفر ﷲ لها ، وعصيَّة عصت ﷲ ورسوله » .

٥- وقت التَّسمية :

١- يوم ولادته .

ــ كما في تسمية النَّبي ﷺ لابنه إبراهيم يوم ولادته ؛ وتسميته ﷺ لبعض أبناء الصَّحابة - رضي ﷲ عنهم - يوم ولادتهم .

٢- تسمية المولود في اليوم الثالث .

ــ قال الخلال - رحمه ﷲ - في جامعه : أخبرني عبد الملك بن عبد الحميد قال : تذاكرنا لكم يُسمَّىٰ الصَّبي ؟
فقال لنا أبو عبد ﷲ - أحمد بن حنبل - أمَّا ثابت ، فروىٰ عن أنس - رضي ﷲ عنه - أنَّه يُسمىٰ لثلاثة ؛ وأمَّا سمُرة - رضي ﷲ عنه - فيُسمىٰ يوم السَّابع .

٣- في اليوم السَّابع .

كما جاء في حديث سمرة رضي ﷲ عنه .

قلت : من عزم علىٰ اسم يوم ولادة المولود فليُسمِّه يوم ولادته ؛ ومن لم يعزم علىٰ اسم ، واحتار في تسميته ؛ فليؤخِّره إلىٰ اليوم الثالث أو اليوم السَّابع حتَّىٰ يُصيب السُّنَّة .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. رواه ابن أبي شيبة .
⑵. رواه أحمد ‹ ٢٥٧/ ١ › .
⑶. رواه أحمد ‹ ١٩٤/٥ › .
⑷. رواه الترمذي ‹ ٢٨٣٩ › .
⑸. رواه مسلم ‹ ٥٦٥٥ › .
⑹. رواه مسلم ‹ ٥٦٥٧ › .