جَاءَتْ مُعَذِّبَتِي فِي غَيْهَبِ الغَسَقِ
كَأنَّهَا الكَوْكَبُ الدُرِيُّ فِي الأُفُقِ
فَقُلْتُ نَوَّرْتِنِي يَا خَيْرَ زَائِرَةٍ
أمَا خَشِيتِ مِنَ الحُرَّاسِ فِي الطُّرُقِ
فَجَاوَبَتْنِي وَ دَمْعُ العَيْنِ يَسْبِقُهَا
مَنْ يَرْكَبِ البَحْرَ لا يَخْشَى مِنَ الغَرَقِ
فَقلتُ هذي أحاديثٌ ملفّقةٌ
موضوعةٌ قدْ أتتْ منْ قولِ مُختَلقِ
فقالتْ وحقِّ عيوني عزَّ منْ قَسَمٍ
وما على جَبْهَتي منْ لًؤلؤ الرَّمَقِ
إنّي أحِبُّكَ حباً لا نفادَ لهُ
ما دامَ في مُهجتي شيءٌ منَ الرَّمَقِ.

عَيْنَاكِ غَابَتَا نَخِيلٍ سَاعَةَ السَّحَرِ
أَوْ شُرْفَتَانِ رَاحَ يَنْأَى عَنْهُمَا الْقَمَرُ.

لَا تَحْنِ ظَهْرَكَ لِلأَعْوَاصِ تَفْتَكِرُ
فَالمَجْدُ يُولَدُ مِنْ بَطْنِ الأَلَمِ جَبَرُ
إِنْ زَاحَمَتْكَ الظُّلُمَاتُ فَأَشْعِلْهَا
نَارًا تُضِيءُ وَفَجرَ الحَقِّ يَنتَصِرُ
وَاجعَلْ خُطَاكَ عَلَى الأَشْوَاكِ قَافِلَةً
تَسِيرُ نَحْوَ السَّمَا يَصْحُو لَهَا القَمَرُ
فِي النَّارِ تَخْتَبِرُ الإِصْرَارَ فَاشْتَعِلِ
لَكَ الفُؤَادُ جَبَلٌ مَا مَسَّهُ ضَجَرُ.

حَرصتُ ألّا أقتلَ نَفسي
بالبكاءِ علىٰ أحدٍ
وكنتُ أقتُلني كُل يومٍ
حينَما أُمَرِرُ لَمساتَ يَدي علىٰ قلبي.

هَل يأتي إلينا الحُزن، أم نَحنُ نَذهبُ إليهِ
لكِي يَستمِر حيًا في الوجود؟

إِنَّ فِي داخِلي فُراغًا بَشِعًا، ولا مُبالاة تؤلِمُني.

أنَا فِي أعمَقُ نُقطَةٌ فِي نَفسي
كَنجمٍ سَرمديَّ تَلاشىٰ
أنَا فِي الفُراغِ هُناك
أهوي، وأنظُر فِي جوفي عليّ.

عَلىٰ شُرفة الموت، تَختارني كلُ ذِكرىٰ شاهدًا بائسًا ومُظلم.

لا أثَر لِلنُجومِ الآن؟
هٰكَذا هِي تُخلَقُ
وتَظهرُ وتُبحِر
فِي جَوفِي،
لأن رؤياكِ بعَيني
صار السَماء
وصار المَدىٰ.

ودَاءُ الشَّوقِ لَيسَ لَهُ دَوَاءٌ
سِوَىٰ نَظَرُ العُيُونِ إلَىٰ العُيُونِ.