°○.

● كَراهَةُ إفرَادِ يومِ الجمعةِ بصِيَام.

اعلمْ أنَّ إفرادَ الجمعةِ بصَومٍ مكروه، إلا أن يُوافِقَ صوماً كانَ يَصُومُه، أو يَصُومَ يوماً قبلَه أو بعدَه.

❒- قال نبي الله ﷺ: «لا يَصُمْ أحدكُم يومَ الجمعةِ إلا أن يَصُومَ يوماً قَبْلَه، أو يَصُومَ بَعدَه» ①

❒- قال محمد بن عباد المخزومي: «سألتُ جابراً رضي الله عنه: أنهى رسول الله ﷺ عن صَومِ الجمعة؟ فقال: نعم ورَبِّ هذا البيت» ②

❒- عن جويرية بنت الحارث رضي الله عنها: أنَّ النبي ﷺ دخلَ عليها يومَ الجمعةِ وهي صَائِمَة، فقال: أصُمتِ أمس؟ قالت: لا، قال: تريدينَ أن تَصومِينَ غداً؟ قالت: لا، قال: «فأفطِري» ③

❒- عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله ﷺ: «يا أبا الدرداء، لا تَخُصَّنَّ يومَ الجمعةِ بصِيَامٍ دُونَ الأيام، ولا تَخُصَّنَّ ليلةَ الجمعةِ بقِيامٍ دونَ الليالي» ④

❒- قال أبو هريرة رضي الله عنه: «ما أنا نَهيتُ عن صِيَامِ يومِ الجمعة؛ محمدٌ نَهى عنه ورَبِّ البيت» ⑤

• قلتُ: والعِلَّةُ التي مِن أجلها نُهِيَ عن صَومِ يومِ الجمعةِ مُفرَداً أنه يومُ عِيْد.

❒- عن قيس بن السكن: خرجنا حُجّاجاً، فبزلنا بأبي ذر، فصنعَ لنا طعاماً -وكان يوم الجمعة- وفينا رحلٌ صائم، ثم قال أبو ذر: «أقسمتُ عليكَ إلا طَعِمتَ، إلا أن تكونَ استأنفتَ الشهر» وأقسمَ عليه مرةً أخرى أو مرتين، قال: «إنَّ يومَ الجمعةِ يومُ عِيْد، فتكونُ مُفطِراً خيرٌ لك» ⑥

❒- قال علي رضي الله عنه: «مَن كانَ منكم مُتَطوِّعاً مِن الشَّهرِ أياماً فليكن صَومُه يومَ الخميس، ولا يَصُم يومَ الجمعة؛ فإنه يومُ طعامٍ وشرابٍ وذِكْر، فيَجمَعُ الله يومين صالِحَين؛ يومُ صِيَامِه، ويومُ نُسكِه مع المسلمين» ⑦

• قال الترمذي رحمه الله: «والعَملُ على هذا عندَ أهلِ العِلْم؛ يكرهونَ للرجلِ أن يختَصَّ يومَ الجمعةِ بصِيَامٍ لا يَصومُ قَبْلَه ولا بعدَه، وبه يقول أحمد وإسحاق» ⑧
.

☜ مسألة: إذا كانَ الرجلُ يَصومُ يوماً ويُفطِرُ يوماً، فوَقعَ فِطرُه الخميس وصَومُه الجمعة.

• سألَ أبو داود الإمامَ أحمد: إذا كانَ الرجلُ يَصومُ يوماً ويُفطِرُ يوماً، فيُوافِقُ يومَ الجمعة؟ قال: «لا بأس، إنما كُرِهَ ‌صومُ ‌يومِ ‌الجمعة أن يَتَعَمَّدَهُ الرجل» قلتُ لأحمد: فيوافِقُ يومَ الشَّكِّ؟ قال: «إذا كانَ لا ينوي به الشَّكَّ أرجو» ⑨

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. الصحيحين، واللفظ لمسلم: (ر١١٤٤).
⑵. البخاري: (ر١٩٨٤)، ومسلم: (ر١١٤٣).
⑶. صحيح البخاري: (جـ٣ صـ٤٢ ر١٩٨٦).
⑷. الكبرى للنسائي: (جـ٣ صـ٢٠٦ ر٢٧٦٥).
⑸. مسند أحمد: (جـ١٢ صـ٣٤٧ ر٧٣٨٨).
⑹. مصنف اليماني: (جـ٥ صـ٢٦ ر٨٠٥٦).
⑺. المصنف لابن أبي شيبة: (ر٩٤٩١).
⑻. جامع الترمذي: (جـ٣ صـ١١٠ ر٧٤٣).
⑼. مسائل أبي داؤود: (صـ١٣٧ ر٦٦٢).
#الجمعة

°○.

● استِحبَابُ تَقلِيم الأظَافِر يوم الجمعة.

- اعلم أنَّ تَقلِيمَ الأظفَارِ مِن كَمالِ التَّنَظُّفِ والتَّطَهُّرِ المَشرُوعِ يومَ الجمعة، فهو مُستَحَبٌّ لذلك ①

• وقد رَوى نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كانَ يُقَلِّمُ أظفارَهُ يومَ الجمعة ② ورَوى ذلك حازم بن قيس عن أبي عسيب مولى رسول الله ﷺ ③

- ورَوى سعيد بن منصور في «السُّنَن» عن راشد بن سعد: أنَّ أصحاب رسولِ الله ﷺ كانوا يقولون: «مَن اغتَسَلَ يومَ الجمعة، واستَاك، وقَلَّم أظفارَه: فقد أوجَب» ④

❒- قال محمد بن إبراهيم التيمي: «مَن قَلَّمَ أظفارَهُ يومَ الجمعة، وقَصَّ شارِبَه، واستَنَّ: فقد استَكمَلَ الجمعة» ⑤

❒- قال حميد بن عبد الرحمن الحميري: «كان يقال: مَن قَلَّمَ أظفارَهُ يومَ الجمعةِ أخرجَ الله منه داءً وأدخلَ فيه شفاءً» ⑥

• وقال إبراهيم بن يزيد النخعي: «يُنَقِّي الرجلُ أظفارَهُ يومَ الجمعة» ⑦

- وكان يفعله مسلم بن يسار ⑧ وابن الحنفية ⑨ ومحمد بن سيرين ⑩ وغيرهم.

• قال ابن رجب: «وكان الإمام أحمد يَفعَلُه، واستَحَبَّهُ أصحاب الشافعي وغيرهم» ⑪

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. فتح الباري لابن رجب: (جـ٨ صـ١٠٥).
⑵. الجامع لابن وهب: (صـ١٣٠ ر٢٢٠).
⑶. الطبقات الكبرى لابن سعد: (جـ٧ صـ٤٣).
⑷. الإسفار عن قلم الأظفار: (صـ٢٩).
⑸. مصنف عبد الرزاق: (جـ٣ صـ٤٧٣ ر٥٤٥١).
⑹. المجالسة: (جـ١ صـ٤٧٥ ر١٥٨).
⑺. المصنف لابن أبي شيبة: (ر٥٦٨٦).
⑻. المصنف لابن أبي شيبة: (ر٥٦٨٨).
⑼. المصنف لابن أبي شيبة: (ر٥٦٨٩).
⑽. مسائل حرب، تـ السريع: (صـ٢٢٧ ر٤٢٨).
⑾. فتح الباري لابن رجب: (جـ٨ صـ١٠٤).

°○.

● ما جاءَ في قيامِ ليلةِ الفِطْر.
.

❒- قال الحسن بن عبيد الله رحمه الله: «كانَ عبد الرحمن بن الأسود يقومُ بنا ليلةَ الفِطْر» ①

❒- عن زبيد بن الحارث رحمه الله: «أنّ عبد الرحمن بن الأسود كان يُصَلّي بقومه في رمضان اثنتي عشرة تَروِيحَة ... وكانَ يَقومُ بهم ليلةَ الفِطْر، ويقول: إنها ليلةُ عِيد» ②

❒- قال ابن شوذب رحمه الله: «كانَ أيوب السختياني يَؤُمُّ أهل مَسجدِه في شَهر رمضان، ... وإذا كانَ ليلة الفِطْر اغتسلَ وغَسَلَ ثَوبَيهِ للإحرامِ الذي أحرَمَ فيهما، فكانَ إذا فَرَغَ مِن الصلاةِ دعَا بدعَوات» ③

❒- قال ابن المبارك رحمه الله: «بلغني: أنه مَن أحيَا ليلةَ العِيد أو العِيدَين لم يَمُت قَلْبُه حينَ تموتُ القُلُوب» ④

• وليسَ يَثبُت في هذا حَديثٌ مَرفُوع.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. مصنف ابن أبي شيبة: (جـ٥ صـ١٦٧ ر٧٩٤٨).
⑵. الطبقات الكبرى لابن سعد: (جـ٦ صـ٢٩٥).
⑶. فضائل رمضان لابن أبي الدنيا: (صـ٨١ ر٥١).
⑷. البر والصِّلة لابن حرب: (صـ٣٣ ر٦٣).

°○.

● ما جاءَ في التَّكْبِيرِ ليلةَ عيدِ الفِطْر.
.

• قال الله ﷻ: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥]

❒- عن ابن العباس رضي الله عنهما قال: «حقٌّ على المسلمينَ إذا نَظروا إلى هلالِ شوالَ أن يُكَبِّروا الله حتى يَفرُغوا مِن عِيدهم؛ لأنِ الله -تعالى ذِكْرُه- يقول: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥]» ①

❒- قال زيد بن أسلم رحمه الله: «التَّكبِيرُ مِن حينِ يَرَى الهلالَ حتى يَنصَرِفَ الإمام، في الطريقِ والمَسجِد، إلا أنه إذا حَضَر الإمامُ كَفّ؛ فلا يُكَبِّرُ إلا بتَكبِيرِه» ②

❒- قال سفيان الثوري رحمه الله: «نَرجو أنْ يكونَ التَّكْبِيرُ ليلةَ ‌الفِطْر» ③

❒- قال الشافعي رحمه الله: «قال الله تبارك وتعالى: في شهر رمضان: ﴿وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ﴾ [البقرة: ١٨٥] فسمعتُ مَن أرضى مِن أهل العِلْم بالقرآن يقول: "عِدّة صومِ شهرِ رمضان، وتُكبروا اللهَ عندَ إكمالهِ على ما هداكم، وإكماله: مغيبُ الشمسِ مِن آخرِ يومٍ مِن أيامِ شهرِ رمضان" وما أشبهَ ما قالَ بما قال والله تعالى أعلم، فإذا رأوا هلالَ شوال أحببتُ أن يُكَبِّرَ الناسُ جماعة وفرادى، في المسجد، والأسواق، والطرق، والمنازل، ومسافرين، ومقيمين، في كل حال، وأين كانوا، وأن يُظهِروا التّكبِير» ④

❒- قال ابن هانئ رحمه الله: «قلتُ: فتَرَى أنْ يُكَبِّرَ مِن ساعةِ الإفطارِ مِن المغرب؟ قال [يعني الإمام أحمد]: كانَ ابن عمر يُكَبِّرُ إذا صَلّى العشاء» ⑤

❒- قال ابن إسحاق الفاكهي: «زَعَم المَكّيونَ أنهم رأوا مشايخهم يُكًبِّرونَ ‌ليلةَ ‌الفِطْرِ إلى خروجُ الإمامِ يومَ العِيد، ويُظهِرونَ التَكْبِير، ويَرونَه سُنَّة، وهُم على ذلكَ اليوم» ⑥

❒- قال ابن المنذر رحمه الله: «إنْ كَبّر ليلةَ الفِطْر فلا بأس به؛ لأنهُ ذِكْر اللهِ عز وجل» ⑦

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. جامع البيان لابن جرير: (جـ٣ صـ٢٢٢).
⑵. جامع البيان لابن جرير: (جـ٣ صـ٢٢١).
⑶. أخبار مكة للفاكهي: (جـ٣ صـ٩ ر١٧٠٣).
⑷. الأم للإمام المُطّلِبي: (جـ١ صـ٢٦٤).
⑸. مسائل إسحاق ابن هانئ: (صـ٩٤ ر٤٧٢).
⑹. أخبار مكة للفاكهي: (جـ٣ صـ٩ ر١٧٠٣).
⑺. الإشراف لابن المنذر: (جـ٢ صـ١٦٠).

°○.

● لا تُجزِئُ القِيمَة في زكاةِ الفِطرِ.

❒- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: «أنّ رسولَ الله ﷺ فَرَضَ زكاة الفِطرِ مِن رمضان على كل نفسٍ مِن المُسلمين؛ حُرٍّ أو عَبد، أو رجُل أو امرأة، صغير أو كبير: صاعاً مِن تَمر، أو صاعاً مِن شعير» ①

❒- قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: «كنّا نُخرِجُ إذ كان فينا رسولُ الله ﷺ زكاة الفطر عن كل صغير وكبير، حُرِّ أو مملوك: صاعاً مِن طعام، أو صاعاً مِن شعير، أو صاعاً مِن تمر، أو صاعاً مِن زبيب» ②

❒- قال الإمام الشافعي رحمه الله: «أخبرنا مالك، عن نافع، عن ابن عمر، أن رسول الله ﷺ فَرَضَ زكاة الفِطرِ مِن رمضان ... أخبرنا إبراهيم بن محمد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن رسول الله ﷺ فَرَضَ زكاة الفِطرِ ... أخبرنا مالك، عن زيد بن أسلم، عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي السرح، أنه سَمِعَ أبا سعيد الخدري يقول: كنّا نُخرِجُ زكاة الفِطرِ ... قال الشافعي: وبهذا كلّه نأخُذ، وفي حديث نافع دلالة على أن رسول الله ﷺ لم يفرضها إلا على المسلمين، وذلك موافقة لكتاب الله عز وجل، فإنه جَعَلَ الزكاةَ للمسلمين طهورا؛ والطهور لا يكون إلا للمسلمين» ③

- قلت: والقيمةُ لا تجزئ في الكفارة، مثل كفارةِ الظِّهَار، قال الله ﷻ: ﴿فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤] وكفارة اليمين، قال الله: ﴿فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ﴾ [المائدة: ٨٩] وغير ذلك.

❒- قال الإمام أحمد ابن حنبل رحمه الله: «توضعُ السُّنَنُ على مواضعها! قال الله: ﴿فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا﴾ [المجادلة: ٤] ولم يأمرنا بالقيمة ولا الشيء، نُعطي ما أُمِرنا به، وحديث ابن عمر: (فرضَ رسول الله ﷺ صَدَقَة الفِطرِ ...) فيُعطى ما فَرَضَ رسولُ الله ﷺ - وقال: لم يلتفت أبو سعيد ولا ابن عمر إلى قيمة مقومة» ④ وقال رحمه الله أيضا: «لا يُعطى قِيمَتُه - قيل له: يقولون عمر بن عبد العزيز كان يأخذُ القيمة، قال: يدعونَ قولَ رسول الله ﷺ ويقولون قال فلان؟! قال ابن عمر رضي الله عنه: (فَرَضَ رسول الله ﷺ ...) وقال الله: ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ﴾ [التغابن: ١٢] وقال قوم يردون السُّنَن: قال فلان وقال فلان!» ⑤

← ونصَّ على أن إعطاءَ القيمة خلاف السُّنّة ⑥

❒- قال الإمام مالك بن أنس رحمه الله: «لا يُجزئ أن يجعلَ الرَّجُلُ مكان زكاة الفِطرِ عرضا مِن العروض، وليس كذلك أمَرَ النبي عليه الصلاة والسلام» ⑦

- قلت: وكذا فإنَّ الأصناف المذكورة وغيرها مِن الأقواتِ متباينة فيما بينها بالقيمة، فبعضها أعلى قيمة مِن بعض، والكيل متفق، وفي ذلك دلالة على أن القيمة لا تجزئ ⑧

- وكُتِبَ في الأول مِن شوال، سنةَ ١٤٤٣ﮪ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
⑴. الصحيحين، واللفظ لمسلم: (٩٨٤).
⑵. الصحيحين، واللفظ لمسلم: (٩٨٥).
⑶. كتاب الأم للشافعي: (جـ٢ صـ٦٧).
⑷. مسائل صالح بن أحمد: (١٢٣٦).
⑸. كتاب المُغني: (جـ٢ صـ٣٥٢).
⑹. مسائل أبي داود: (جـ١ صـ١٢٣).
⑺. المدونة الكبرى: (جـ٢ صـ٣٨٥).
⑻. النوادر والزيادات: (جـ٢ صـ٣٠١).