الإصلاح بين السيد الشهيد ومسلم بن عقيل

أن من سُنن مسلم بن عقيل عليه السلام في الكوفة هي الإدارة المتميزة الإلهية . والتدبير المنقطع النظير ، حيث لم يشهد من الثورة التي قادها مدّة بقاؤه في الكوفة اي خرق مدني ، ولا تلف مال ، ولا تجاوز على عرض . طيلة تلك المدّة ، مع ان الثورة الشعبية منفلتة في الغالب .

⁦▪️⁩ ومن ناحية أخرى ، أن العدو كبني أمية ، عصابة إجرامية دموية لا يحجزها شئ عن انتهاك الحرمات والصاقها بمعسكر مسلم بن عقيل .

ومع هذين العاملين الخطرين الموجبين في الغالب لانقلاب الأمور ، واختلاط الأوراق ، إلا أن الأمويين والتاريخ لم يسجلا خرقاً يلصقوه بمسلم بن عقيل ، ولا بنهضة الحسين عليه السلام . حيث خاطبهم قائلاً 《 ويحكم اتطلبوني بقتيل منكم قتلته ، أو مال لكم استهلكته .... فقالوا نقاتلك بغضاً لك ولابيك الذي قتل اشياخنا ببدر وحُنين 》 فلوا كان هناك خرق لتم ذكره منهم له . ولكن هي أحقاد قديمة لعلي بن أبي طالب عليه السلام .

⁦▪️⁩ وفي الحقيقة أن مصير نهضة الحسين عليه السلام . وطابع حركته الإصلاحية مرهونة بممارسات والسلوك التدبيري الذي به مسلم بن عقيل عليه السلام ، فهو الواجهة والباب لنهضة الحسين عليه السلام ، فأي شائبة أو خطأ أو خطل أو ميل إلى دنيا فإنها ستكون ضربة لنهضة الحسين عليه السلام قبل أن تبدا ، وعرقلتها وهي في المهد .

⁦▪️⁩ ونفس الحال اليوم والان بيننا نحن مدعي الإصلاح ، فإن اي فساد ، وميل إلى الدنيا . وحب للجاه والمركز ، أو حب المال ، أو انحراف عقائدي أو اخلاقي . فإنه ضربة للإصلاح الذي قاده السيد الشهيد الصدر المقدس ، وضربة لموكب الإصلاح الذي ينادي به السيد القائد مقتدى الصدر ،

⁦▪️⁩ أن مسلم بن عقيل عليه السلام لم يهرب من ساحة المسؤولية عندما كان في سبعين ألف ممن كان حوله ، ولم يهرب ويضطرب ويتلكأ عندما امسى بمفرده في ساحة المسؤولية بعد أن تخلى عنه كل الأفراد ، فإن تخلي الأفراد عن ساحة المسؤولية ليس سببا للتراجع والانتكاس . فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته . لذلك اكمل مسلم بن عقيل عليه السلام المهمة بمفرده وكان بمقدوره الإنسحاب إلى عسكر الحسين عليه السلام ، إلا أنه لم ينسحب من ساحة المسؤولية إلى أن قُتل وحيداً فريداً في ساحة المسؤولية ،

⁦▪️⁩ فالاصلاح ليس جبراً أن يكون جمعي . وان لا بد أن يقوم به الجميع أو الأكثرية حتى أنهض به انا وانت . فإن ساحة الإصلاح والمسؤولية لا تنفك عني ولو كنت فرداً متفرداً واحداً ، قال تعالى 《 فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك》 ، فإذا كان هذا الخطاب القرآني مع اكمل إنسان وهو رسول الله صلى الله عليه و آله ، فكيف بتكليفنا نحن ؟!
⁦
▪️⁩ تنبهنا تجارب الأمم والشعوب ، وما مرَّ به أنبياء الله تعالى والمرسلين من قِبله سبحانه وتعالى ، أن اصلاحهم ما لم يُضرب من الداخل فإن الخارج لا يستطيع له سبيلاً ، بل قلة قليلة من عمليات الإصلاح الكبرى في التاريخ البشري ، أو في حركة الأنبياء والمرسلين عليهم السلام كان ضربتها خارجياً ، لكن بأدوات الداخل ، فإن اغلب حالات فشل تجارب الإصلاح هي أن تُضرب من الداخل ، ممن آمن بها ، ممن سار لأجلها ، ممن ضحى في فترة زمنية لها ، ممن دعى إليها، وممن سعى إلى تطبيقها ، فذهب الإصلاح وصاحب الإصلاح ضحية من أجل اخفاقات الاتباع ، واخفاقات المتصدين والمروجين والمقربين والمحسوبين على الإصلاح ، فذهبت إنجازات عظيمة بسبب اخفاق من هنا وهناك ، أو بسبب حب الدنيا والمال والركون اليهما ، أو بسبب عدم وعي ملابسات مرحلة الإصلاح ، أو بسبب الاختراق لجسم الإصلاح واهدافه ، أو بسبب اختيار الأشخاص الغير مناسبين للمرحلة ، أو بسبب عدم معرفة ملابسات مرحلة الإصلاح ، أو عدم معرفة أدوات الإصلاح ، وفي كل الأحوال كان الخاسر هو معسكر الإصلاح والإصلاح نفسه .

اقولها وبألم كبير ... 《 فسوف اذهب وضميري مرتاح 》جملة قالها السيد الشهيد ، ولم يُشركنا بها ، ولم يُشرك احداً معه بها ، مما يولد لدىَّ قناعة أنه الفائز الوحيد برضوان الله الأكبر ، وإنه أدى تكليفه وغيره فشل في هذا التكليف حتى مَن كان معه إلا أفراد قلة وقلة جداً ، وعليه أن نراجع أنفسنا وحساباتنا وبالذات قد جنحنا بعده جنوح مريب وكبير ، وسرنا عكس تياره قدس سره ، 《 وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ 》.

محمد العامري

لسلامة اخواننا في لبنان وفلسطين

روى الشيخ الكليني في الكافي بسند صحيح : علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمار ، قال : قال لي‏ أبو عبد الله عليه السلام ابتداءً منه : يا معاويةُ ، أَما علمت أَن رجُلاً أَتى‏ أَمير المؤمنين صلوات الله عليه ، فشكى إليه الإِبطاء في الجواب في دُعائه ؟!
فقال له : فأين أَنت عن الدعاء السريع الأجابة ؟
فقال له الرجل : ما هو ؟
قال : قُل :

《 اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْعَظِيمِ‏ الْأَعْظَمِ ، الْأَجَلِّ الْأَكْرَمِ ، الْمَخْزُونِ الْمَكْنُونِ‏ ، النُّورِ الْحَقِّ، الْبُرْهَانِ الْمُبِينِ ، الَّذِي هُوَ نُورٌ مَعَ نُورٍ ، وَنُورٌ مِنْ نُورٍ ، وَنُورٌ فِي نُورٍ ، وَنُورٌ عَلى‏ نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ يُضِي‏ءُ بهِ كُلُّ ظُلْمَةٍ ، وَيُكْسَرُ بِهِ كُلُّ شِدَّةٍ ، وَكُلُّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَكُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، لَا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ ، وَلَا تَقُومُ‏ بِهِ سَمَاءٌ ، وَيَأْمَنُ بِهِ كُلُّ خَائِفٍ ، وَيَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ ، وَبَغْيُ كُلِّ بَاغٍ، وَحَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ الْبَرُّ وَالْبَحْرُ ، وَيَسْتَقِلُّ بِهِ الْفُلْكُ‏ حِينَ يَتَكَلَّمُ بِهِ الْمَلَكُ ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَهُوَ اسْمُكَ الْأَعْظَمُ‏ الْأَعْظَمُ ، الْأَجَلُّ الْأَجَلُّ ، النُّورُ الْأَكْبَرُ ، الَّذِي سَمَّيْتَ بِهِ‏ نَفْسَكَ ، وَاسْتَوَيْتَ بِهِ عَلى‏ عَرْشِكَ ، وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، أَسْأَلُكَ‏ بِكَ وَبِهِمْ أَنْ تُصَلِّيَ عَلى‏ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ، وَأنْ تَفْعَلَ بِي كَذَا وَكَذَا 》.