بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين أما بعد:

من الذب عن دين الله ﷻ الذب عن العلماء الذين هدانا الله بهم فهم كالنجوم في السماء يهتدي بهم الحيران في الظلمة ، وهم حملة الشريعة ومنزهوها كما روي عن نبينا ﷺ أنه قال : [ يحمِلُ هذا العلمَ من كلِّ خلَفٍ عدولُه ينفونَ عنهُ تحريفَ الغالينَ وانتحالَ المبطلينَ وتأويلَ الجاهلينَ ] .

فالملحدون يقصدون الإسلام في طعنهم بحملته وأهل الابتداع يقصدون السنة في طعنهم بحملتها .

قال تعالى كما في الحديث القدسي [ من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ] ونحن جند الله في حرب أعداء علماء أهل السنة .

فغرض هذه القناة ، دفع الشبه والكذب والتشنيع عن علماء أهل الحديث من السلف والخلف.
نسأل الله التوفيق والإعانة .

والحمدلله رب العالمين .

قال شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله:

والأمر الثاني: أن يحذر مغالطة نفسه له على هذه الأسباب. وهذا من أهم الأمور، فإن العبد يعرف أن المعصية والغفلة من الأسباب المضرة له في دنياه وآخرته، ولا بد، ولكن تغالطه نفسه بالاتكال على عفو الله ومغفرته تارة، وبالتسويف بالتوبة تارة، وبالاستغفار باللسان تارة، وبفعل المندوبات تارة، وبالعلم تارة، وبالاحتجاج بالقدر تارة، وبالاحتجاج بالأشباه والنظراء والاقتداء بالأكابر تارة.

وكثير من الناس يظن أنه لو فعل ما فعل، ثم قال: "أستغفر الله" زال أثر الذنب، وراح هذا بهذا!

وقال لي رجل من المنتسبين إلى الفقه: أنا أفعل ما أفعل، ثم أقول: سبحان الله وبحمده مائة مرة، وقد غفر ذلك أجمعه، كما صح عن النبي ﷺ أنه قال: "من قال في يوم: سبحان الله وبحمده مائة مرة حطت عنه خطاياه، ولو كانت مثل زبد البحر".

وقال لي آخر من أهل مكة: نحن أحدنا إذا فعل ما فعل اغتسل وطاف بالبيت أسبوعا، وقد محي عنه ذلك.

وقال لي آخر: قد صح عن النبي ﷺ أنه قال: "أذنب عبد ذنبا، فقال: أي رب أصبت ذنبا فاغفره لي، فغفر له. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: أي رب أصبت ذنبا، فاغفره لي، فغفره له. ثم مكث ما شاء الله، ثم أذنب ذنبا آخر، فقال: أي رب أصبت ذنبا، فاغفره لي. فقال الله عز وجل: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب، ويأخذ به.
قد غفرت لعبدي، فليصنع ما شاء!"
قال: وأنا لا أشك أن لي ربا يغفر الذنب، ويأخذ به.

وهذا الضرب من الناس قد تعلق بنصوص الرجاء، واتكل عليها، وتعلق بها بكلتا يديه. وإذا عوتب على الخطايا والانهماك فيها سرد لك ما يحفظه من سعة رحمة الله ومغفرته ونصوص الرجاء.
وللجهال من هذا الضرب من الناس في هذا الباب غرائب وعجائب، كقول بعضهم:
وكثر ما استطعت من الخطايا ... إذا كان القدوم على كريم

وقول الآخر: التنزه من الذنوب جهل بسعة عفو الله!

وقول الآخر: ترك الذنوب جراءة على مغفرة الله، واستصغار لها!

وقال أبو محمد بن حزم: رأيت بعض هؤلاء يقول في دعائه: اللهم إني أعوذ بك من العصمة!

?الداء والدواء (٣٦-٣٨)

*⭕️لمن يهون من أمر الصفات*

قال شيخ الإسلام ابن القيم:

وكاتكال بعضهم على قوله ﷺ حاكيا عن ربه: "أنا عند حسن ظن عبدي بي، فليظن بي ما شاء" يعني: ما كان في ظنه، فإني فاعله به.

ولا ريب أن حسن الظن إنما يكون مع "الإحسان" فإن المحسن حسن الظن بربه أنه يجازيه على إحسانه، ولا يخلف وعده، ويقبل توبته.
وأما المسيء المصر على الكبائر والظلم والمخالفات، فإن وحشة المعاصي والظلم والإجرام تمنعه من حسن الظن بربه. وهذا موجود في الشاهد، فإن العبد الآبق المسيء الخارج عن طاعة سيده لا يحسن الظن به.
ولا يجامع وحشة الإساءة إحسان الظن أبدا، فإن المسيء مستوحش بقدر إساءته. وأحسن الناس ظنا بربه أطوعهم له، كما قال الحسن البصري: إن المؤمن أحسن الظن بربه، فأحسن العمل. وإن الفاجر أساء الظن بربه، فأساء العمل.

وكيف يكون محسن الظن بربه من هو شارد عنه، حال مرتحل في مساخطه وما يغضبه، متعرض للعنته، قد هان حقه وأمره عليه فأضاعه، وهان نهيه عليه فارتكبه، وأصر عليه!

وكيف يحسن الظن به من بارزه بالمحاربة، وعادى أولياءه، ووالى أعداءه، وجحد صفات كماله، وأساء الظن بما وصف به نفسه ووصفته به رسله، وظن بجهله أن ظاهر ذلك ضلال وكفر؟.

وكيف يحسن الظن به من يظن أنه لا يتكلم، ولا يأمر، ولا ينهى، ولا يرضى، ولا يغضب؟
وقد قال تعالى في حق من شك في تعلق سمعه ببعض الجزئيات، وهو السر من القول: ﴿وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [فصلت: ٢٣]، فهؤلاء لما ظنوا أن الله سبحانه لا يعلم كثيرا مما يعملون، كان هذا إساءة لظنهم بربهم، فأرداهم ذلك الظن.
**وهذا شأن كل من جحد صفات كماله ونعوت جلاله ووصفه بما لا يليق به. فإذا ظن هذا أنه يدخله الجنة كان هذا غرورا وخداعا من نفسه، وتسويلا من الشيطان، لا إحسان ظن بربه

?الداء والدواء (٤٤-٤٦)**

من أحب الأبيات إلى قلبي

ما قاله ابن القيم رحمه الله في «الكافية الشافية» :

- **وَاللهُ أكْبَرُ عَرْشُهُ وَسِعَ السَّمَا ...
وَالأرْضَ والكُرْسِيَّ ذَا الأرْكَانِ

- وَكَذَلِكَ الكُرْسِيُّ قَدْ وَسِعَ الطِّبَا ... قَ
السَّبْعَ وَالأَرَضِينَ بِالبُرْهَانِ

- وَالرَّبُّ فَوْقَ العَرْشِ والكرْسِيِّ لَا ...
يَخْفَى عَلَيْهِ خَوَاطِرُ الإنْسَانِ

- لَا تَحصرُوهُ فِي مَكَانٍ إِذْ تَقُو ... لُوا
رَبُّنَا حَقًّا بِكُلِّ مَكَانِ

- نَزَّهْتُموهُ بِجَهْلِكُمْ عَنْ عَرْشِهِ ...
وحَصَرْتُمُوهُ فِي مَكَانٍ ثَانِ

- لَا تُعْدِمُوهُ بِقَولِكُم لَا دَاخِلٌ ...
فِينَا وَلَا هُوَ خَارِجَ الأكْوَانِ

- اللهُ أكْبَرُ هُتِّكْتُ أسْتَارُكُمْ ...
وَبَدَتْ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ عَيْنَانِ

- وَاللهُ أكْبَرُ جَلَّ عَنْ شِبْهٍ وَعَنْ ...
مِثْلٍ وَعنْ تَعْطِيلِ ذِي كُفْرَانِ

- اللهُ أكْبَرُ هُتِّكْتُ أسْتَارُكُمْ ...
وَبَدَتْ لِمَنْ كَانَتْ لَهُ عَيْنَانِ

- وَاللهُ أكْبَرُ جَلَّ عَنْ شِبْهٍ وَعَنْ ...
مِثْلٍ وَعنْ تَعْطِيلِ ذِي كُفْرَانِ

- وَاللهُ أكْبَرُ مَنْ لَهُ الأسْمَاءُ وَالْـ ... أوْصافُ
كَامِلَةً بلَا نُقْصَانِ

- وَاللهُ أكبَرُ جَلَّ عَنْ شِبْهِ الجَمَا ... دِ
كقَوْلِ ذِي التَّعْطِيلِ وَالكُفْرَانِ

- هُمْ شَبَّهُوهُ بالجَمَادِ وَلَيْتَهُمْ ...
قَدْ شَبَّهُوهُ بِكَامِلٍ ذِي شَانِ

- واللهُ أكبرُ جلَّ عن ولَدٍ وصا ...حِبَةٍ
وعن كُفُوٍ وعن أخدانِ**

**قال سيف السنة وشيخ العصابة أحمد بن حنبل رضي الله عنه:

أحبوا أهل السنة على ما كان منهم، أماتنا الله وإياكم على السنة والجماعة.

?طبقات الحنابلة - لابن أبي يعلى - ج١ ص٣٤٥?**

لو احتج المشركون لأصنامهم بنفس ما احتج به المتكلمون والجهمية لإلههم لأحسنوا الدفع عما يعتقدون، ولوجدوا كثيراً ممن في قلوبهم مرض يتبعونهم في زخرف قولهم غروراً. بل ما كانوا ليجدوا أفضل من حججهم للرد عن أصنامهم

فلو قلت لهم: أبطل الله عبادة العجل بقوله ﴿أَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمۡ﴾ قالوا: لا يجوز للرب أن يتكلم وإلا شبهناه بالمخلوقات، والرب ليس محلاً للحوادث وإلا كان حادثاً و و و.

وإن قلت لهم: ما بال أصنامكم لا تأتي ولا تسعى؟
قالوا لك: لا يجوز على الرب الانتقال والزوال والحركة، لأنه ليس محلا للحوادث وإلا كان محدثا

ولو قلت لهم: ما بال أصنامكم ليس فيها صفات غير ما ترونه من شكلها وما تحسونه من صلابتها؟
قالوا لك: لأن الصفات أعراض إذ أنها متغيرة تقبل العدم، ولأنها لا تسبق الحوادث ولا تنفك عنها، وما لا يسبق الحوادث فهو محدث، فالأعراض محدثة والجوهر لا تنفك عنه الأعراض فهو محدث، والآلهة منزهة عن هذا. وأما صلابة الأصنام وما نراه منها فليست أعراضا لأن الأعراض لا تقبل زمنين.

ثم سيستمرون بالمحاججة عن أصنامهم وسيقولون هذه الأصنام هي التي تخلق وترزق وتحيي وتميت، وغير ذلك.

كتاب الرد على الجهمية للإمام ابن منده كتاب مهم جدا
وهو من الكتب التي تقرر عقيدة أهل السنة، رتبه مصنفه على أبواب وأخرج في كل باب أحاديث رواها بإسناده، فهو مصدر أصلي.

وهذا الكتاب مع مكانة مصنفه الجليلة إلا أنه لم ينل تحقيقاً جيداً البتة، وتحقيقاته مليئة بالتصحيف والسقط والأخطاء الإملائية.

فسعى شيخنا عابدٌ حفظه الله في تحقيق هذا الكتاب تحقيقاً وافياً يتدارك فيه كل ذلك ويضيف عليه بعض الحواشي المهمة فيما يتعلق بالحديث وغيره.

نسأل الله أن يكون هذا التحقيق الجديد قد غطى النقص وأعطى الكتاب حقه.

وجزى الله شيخنا عابداً خيراً.

كل عام وأنتم بخير
تقبل الله طاعاتكم