لا أذكر أنني كنت متفائلاً برؤية تحرير بيت المقدس كاليوم ، ولا أذكر أيضاً أنني كنت متهيباً مما سيقع من أحداث وبلايا كاليوم.

نسأل الله أن يعصمنا من الفتن ، وأن يرينا الإسلام عزيزاً وأن يستعملنا في طاعته ويجعلنا مع عباده الصالحين .

بعد ما من الله علينا من نصر وفتح في بلاد الشام وانعكاس ذلك على قلوب المؤمنين بالفرح والاستبشار من جهة ...

وفي ظل ما يحصل من اعتداءات الصهاينة المتكررة، وتطلعات المسلمين الكبيرة في تحقيق العدل والقصاص من الظلمة والقتلة .. وغيرها مما يمكن أن ينغص على الإنسان فرحه بالنصر ؛

قد يتولد في نفوس البعض تطلب للمقامات العالية من النصر و التمكين وإعلاء كلمة الله ومن ثَم حنق وانزعاج إن تخلف تحقيق هذه المطالب والأمنيات ..

ففي هذا السياق كله من المهم جدا تذكر هذه القاعدة واستحضارها :

" إن كان من معالم المرحلة: الضعف العام واستحكام الأمراض، فإن هذا سينعكس على صور التدافع الجزئي؛ فتأتي المصائب أكبر من حجمها، ويأتي النصر محدوداً "

وعليه ليس الموقف الصحيح أن تتطلب نفوسنا تحقيق أعلى درجات النصر و التمكين والوضع العام للأمة تغلب عليه سمة الاستضعاف والوهن والغثائية .. وإنما يُسعى بما يمكن من جهة .. ومن جهة أخرى لا تتوقف الجهود في السعي في تغيير واصلاح واقع الأمة بشكل عام وإخراجها من حالة الضعف إلى حالة القوة والتمكين ..

فنسأل الله أن يتم النعمة على أمة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم ..

#آية_النصر (1) | الإعداد زمن الاستضعاف

شهد الشمال السوري في السنوات الأربع الأخيرة حالة من الاستقرار والهدوء والذي تخللته عمليات قصف واستهداف من قبل النظام وأعوانه .. لكنه بشكل عام لم تحصل مواجهات كبيرة أو معارك طاحنة خلال هذه الفترة، إلى أن حصلت عملية ردع العدوان التي قلبت الموازين بمشيئة الله وتوفيقه ..

هذا يُستفاد منه أن من أوجب الواجبات زمن الاستضعاف أن يسعى العاملون للإعداد والبناء ومراكمة القوى، كالمزارع يحرث الأرض ويزرع البذور في وقت غياب المطار .. ثم ينتظر حتى ينزل المطر فتثمر هذه البذور وتعطي أُكلها .. وكذلك المصلحون يشتغلون تحت سقف الممكن وبالمتاح في الإعداد والبناء .. ثم إذا حانت الفرص وتغيرت الموازين انطلقوا لميادين العطاء والإصلاح

وهذا نجده في سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم ، حين كان هو الصحابة الكرام بمكة لا منعة لهم ولا قوة .. كان واجب الوقت بناء هذه النفوس في مدرسة الأرقم بن أبي القرم وتربيتها بالوحي الذي ينزل من السماء .. هذا ولا تزال قريش تسوم المسلمين سوء العذاب بشتى الأنواع .. ومع ذلك لم نُهي المسلمون هم القتال والمواجهة والجهاد في تلك المرحلة ..

ولكن عندما أتى الله بالفرج ويسر لنبيه الهجرة ليثرب = تغيرت المعادلات وفُرض الجهاد وتمخض الإعداد والبناء السابق عن عطاء وعزم وانطلاق ..

فالفائدة هنا أنه لا ينبغي للإنسان الذي امتلأ قلبه حبا لهذا الدين وهما للأمة وصلاحها.. لا ينبغي له أن يستعجل المواجهة المباشرة رغم ما يراه من دواعي ذلك من إجرام وقتل وترهيب ..

لأن في كل مرحلة : هناك واجب وقت على كل فرد منا بحسب سياقه ومؤهلاته .. فإخواننا في الشمال السوري كان واجب الوقت عليهم هو استغلال فترة التهدئة هذه في الإعداد والبناء والصبر على ذلك وإتقان وإحكام هذا البناء .. ولما تغيرت للأوضاع واضطربت وبات المناخ مناسبا بعملية عسكرية ضد النظام .. كان واجب الوقت الانطلاق في ميادين الجهاد والقتال ..

وهكذا بالنسبة لكل العامين السائرين في طريق الأنبياء والمرسلين.. فمثلا بالنسبة لـ #طلاب_البرامج : فقد يكون واجب الوقت بالنسبة لكثير منهم التركيز فقط على البناء وإحكام الأركان الأربعة (الإيمان، العلم، الوعي، المنهج الإصلاحي) بحيث هو يرى مجازر الصهاينة في غزة، وتصله مآسي المستضعفين في السودان ويحزن لحال شباب الأمة التائه اللاهي .. ولا يزيده ذلك إلا عزيمة على أخذ العلم بقوة وإحكام البناء وتجويده ..

وقد يكون واجب الوقت لبعضهم السعي في إصلاح دائرته القريبة بداية من الأسرة ولو بمجرد الدعوة لهذه البرامج الإلكترونية والسعي في نشرها .. ويتفاوت هذا الواجب بتفاوت البناء الشخصي واختلاف الجو والسياق ..

والله عز وجل كفيل بمن صدق في هذا الطريق أن يصطفيه للإصلاح والعمل وهو سبحانه يفتح لعباده الذين أحسنوا البناء والإعداد فرصا للمدافعة والعطاء وييسر لهم ذلك ..

وعليه ينبغي أن ندرك جيدا أنه لا صلاح لهذه الأمة إلا بطليعة من المصلحين أحسنت البناء وانطلقت بعزم في ميادين العطاء تدافع الباطل وأهله وتعلي كلمة الحق في الآفاق .. فلا توجد الآن حلول سريعة لأن ما تعانيه الأمة ليس مشاكل عارضة .. بل الواقع يتطلب معالجة أعمق تناسب الإشكالات المتجذرة ..

فالخلاصة أن مما نستفيده من هذا النصر أنه لم يأتي نتيجة حركة مباشرة وردة فعل سريعة تجاه ظلم النظام وتجبره .. بل هو نتيجة سنوات من الإعداد والبناء و "تراكم القوى" .. وعليه فالواحد قد يساهم في تحقيق انتصارات مقبلة لهذه الأمة إن هو اليوم أحسن الإعداد والبناء بجانب إخوانه ..

والله الموفق ..

( وقفات مع آية النصر لأهلنا في الشام )

بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله ..

فالحمد للَّه مُعز الإسلام بنصره، ومُذل الشرك بقهره، ومُصَّرف الأمور بأمره، ومُزيد النعم بشكره، ومُستدرج الكافرين بمكره، الذي قدَّر الأيام دولًا بعدله، وجعل العاقبة للمتقين بفضله، وأفاض على العباد من طلِّه وهطله، الذي أظهر دينه على الدين كله، القاهر فوق عباده فلا يُمانَع، والظاهر على خليقته فلا يُنارع، الآمر بما يشاء فلا يُراجَع، والحاكم بما يريد فلا يُدافَع، أحمده على إظفاره وإظهاره وإعزازه لأوليائه، ونصرة أنصاره .. (1)

أما بعد .. فقد من الله على الأمة الإسلامية بنصر شفى الصدور وروى القلوب .. بعد أن كانت بلاد الشام تحت الاحتلال النصيري، قد ذاقت الويل والعذاب من حكم آل الأسد عليهم لعائن الله تترا ، وبعد أن قُتل المليون وهُجر الملايين .. ورُملت نساء ويُتم أطفال وذاق المسلمون في السجون أشد العذاب .. فالحمد لله العزيز الرحيم

هذا وإن من الناس من يُعرف هذا الحدث أنه مرحلة ما قبلها ليس كما بعدها، ومنهم من يُعرفه فرصة لبداية جديدة في المشاريع والأعمال، ومنهم من يُعرفه أنه نتيجة طبيعية للنضال من أجل الحرية، وغيرها الكثير من التعريفات التي لا يخلوا بعضها من الصحة والصواب .. غير أني في هذا المنشور أحب أن ألفت انتباه القارئ لتعريف قرآني يفتح للمؤمن آفاقاًً للتفكر والاستفادة من هذا الحدث بحيث لا يمر عليه مرور الكرام ..

سمى الله عز وجل في 12 موضعا من كتاب الله إهلاكه للطغاة وغلبة المؤمنين عليهم بأنه "آية" .. فيقول الله عز وجل مثلا ﴿فَأَخَذَهُمُ ٱلۡعَذَابُۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَةࣰۖ وَمَا كَانَ أَكۡثَرُهُم مُّؤۡمِنِینَ﴾ وقال سبحانه ﴿فَتِلۡكَ بُیُوتُهُمۡ خَاوِیَةَۢ بِمَا ظَلَمُوۤا۟ۚ إِنَّ فِی ذَ ٰ⁠لِكَ لَـَٔایَةࣰ لِّقَوۡمࣲ یَعۡلَمُونَ﴾ [النمل ٥٢]

وقال تعالى عن النصر إذا نزل بأهل الحق أنه عبرة لا ينتفع بها إلا أولو الأبصار : { وَٱللَّهُ یُؤَیِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن یَشَاۤءُۚ إِنَّ فِی ذَ ⁠لِكَ لَعِبۡرَةࣰ لِّأُو۟لِی ٱلۡأَبۡصَـٰرِ﴾

وقال الله عز وجل قال : ﴿قُلۡ سِیرُوا۟ فِی ٱلۡأَرۡضِ فَٱنظُرُوا۟ كَیۡفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلۡمُجۡرِمِینَ﴾ [النمل ٦٩]

إذاً هذا الحدث لا ينبغي أن يمر علينا مرور الكرام .. ولا ينبغي أن نعتبره حدثا نفرح فيه ونسعد به وفقط .. بل هو آية من آيات الله نعتبر به ونتوقف عنده ونخرج منه بمعاني إيمانية وعملية وإصلاحية ..

وعليه فبإذن الله أنشر في قادم الأيام عدة منشورات تحت وسم #آية_النصر ... وقد كانت النية أن أجمعها كلها في منشور واحد ، ولكن رأيت أنه سيطول ويكون مدعاة للإخلال ...

ونسأل الله التوفيق

__(1) مقتطف من أول خطبة في المسجد الأقصى بعد تحريره من الاحتلال الصليبي على يد صلاح الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته 🌹

الأحبة الكرام جميعاً، وطلاب البرامج العلمية الإلكترونية على وجه الخصوص
نشهد في هذه الأيام فتوحات وبشريات عظيمة يمن الله تعالى بها على أهلنا في سوريا في أرض الشام المباركة
وهذه الأحداث الأخيرة فتحت عدداً كبيرة من الأسئلة، تكشف للأسف عن جهل كبير جداً بما تعرض له أهلنا في سوريا من ظلم وإجرام وقهر طوال نصف قرن من الزمان!، حيث لم تبدأ مآساة السوريين مع هذا النظام المجرم الذي استعان بكل مجرمي الأرض لقتل الثائرين من أبناء شعبه منذ أحداث الثورة فقط قبل 14 عاماً، ولكن منذ أن وصلت هذه العائلة المجرمة إلى الحكم في سبعينات القرن الماضي

ولذلك، نقيم الليلة بثاً مباشراً على هذه القناة للحديث عن هذه القضية، والكلام عن المجريات الأخيرة وسياقاتها والحقوق المشروعة التي انتفض السورييون لاستعادتها والإجابة عن أبرز الأسئلة التي أثارتها هذه الأحداث

ونسأل الله السلامة لأهلنا المستضعفين في كل مكان، في سوريا وفلسطين وغيرها من بلاد المسلمين

موعد البث المباشر: الليلة الساعة 8:30 مساء بإذن الله تعالى على هذه القناة فكونوا بالقرب