**والحمدلله يا صاحبي، الذي أنار  قلبكَ بالحقّ وهداكَ لدين التوحيد، فاشكُر الله على هذه النّعمة العظيمة واعلم أنّ هذا الدّين غالي والجنّة حُفّت بالمكاره، فاثبُت على طريق الحقّ ولا يغُرنَّكَ كثرة المُشركين والظالمين من حولك، فاللهُ سُبحانه اختاركَ من بين جميعهم وهداكَ لطريقِ الحقّ وإنّ أكثر ما يُعينك على الثبات، معرفة الله وحفظ كتابه، هو الحبلُ المتين والنورُ المُبين، من تمسّكَ به عصمهُ الله، ومن اتّبعهُ أنجاهُ الله، ومن دعا إليه هُدِيَ إلى صراطٍ مُستقيم،

وأُوصيك أن تلزم شرع الله والعمل الصّالح،

وأُوصيكَ أن تتدبّر قصص الأنبياء، قال الحقّ سُبحانه: {وَكُلًّا نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَٰذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ}

وأُوصيكَ بكثرة الذّكر والإستغفار، قال الحقّ سُبحانه وتعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ}

كلمة ووصية لأحدهم.**

أجلُّ نعمةٍ يُنعمُ اللّه بِها  عَليكَ أن يَحفظْ عَليكَ دِينكَ  ؛فكَم أضلّ مَن هُم أذْكَى مِنكَ وأَكْثَر مِنكَ عِلمًا فَخَابُوا وخَابَ مَسْعَاهم،  فقد قال عزّ شأنه:     ﴿وَاتلُ عَلَيهِم نَبَأَ الَّذي آتَيناهُ آياتِنا فَانسَلَخَ مِنها فَأَتبَعَهُ الشَّيطانُ فَكانَ مِنَ الغاوينَ﴾ فهذه الآية مُخِيفةٌ جدًا ؛فلا تَأمنْ مَكْر اللّهِ لكَ وسَلْه الهِدايةَ فِي دُعَائك ، فَقَد كان مِن دُعاءِ النبي ﷺ :(اللهُمّ اهْدني ويسر الهُدى لي) فَالزَمْ غَرزَهُ وهَديَهُﷺ فَفِيهَا النّجاةُ والفَلاحُ فِي دَارِ المُقَامَةِ .

إذا ألِف قلبك المعصية؛ فودّع التوفيق والسداد واستجابة الدعاء.?
عصمنا الله وإياكم..

#شرح_الحديث : ?

مظاهرُ السَّماحةِ والسُّهولةِ في الشَّريعةِ الإسلاميَّةِ كثيرةٌ، مِن ذلكَ التيسيرُ في تَأخيرِ الصَّلاةِ؛ دفعًا للحَرجِ والمشقَّةِ، كما في هذا الحديثِ؛ حيثُ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: إذا كانَ الحرُّ فأَبْرِدوا عن الصَّلاةِ. أي إذا وُجِدَ الحرُّ واشتدَّ، فأبرِدُوا عن الصَّلاةِ، والإبرادُ: هو الوقتُ الذي تَنكسِرُ فيه شدَّةُ الحرِّ، والمعنى: أخِّروا الصَّلاةَ عنْ أوَّلِ وقتِها، واجْعَلوها في هذا الوقتِ، حتَّى تزولَ شدَّةُ الهاجرةِ؛ لأنَّ في الوقتِ سَعَةً، لا أنْ تُؤخِّروها إلى آخرِ بردِ النَّهارِ، والصَّلاةُ المقصودةُ هنا هي صلاةُ الظُّهرِ؛ لأنَّ الحرَّ يشتدُّ في أوَّلِ وقتِها، والعلَّةُ في هذا الأمرِ واضحةٌ مِنْ قولِه: "فإنَّ شدَّةَ الحرِّ مِنْ فَيْحِ جهنَّمَ"، فالحِكمةُ هي دفْعُ المشقَّةِ عنِ النَّاسِ؛ لأنَّ شدَّةَ الحرِّ تَذهَبُ بالخُشوعِ، و"فيحُ جهنَّمَ": شدَّةُ حرارتِها وسعةُ انتشارِها وتنفُّسِها. 
ثمَّ ذكرَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أنَّ النَّارَ اشتكَتْ إلى ربِّها، فكانَت شِدَّةُ الحُرِّ مِنْ وهَجِها وفَيْحِها، وجعلَ اللهُ فيها بقُدرتِه إدراكًا حتَّى تَكلَّمَتْ، فأذِنَ لها في كلِّ عامٍ بنفَسَينِ، والنَّفَسُ هو ما يخرجُ منَ الجَوفِ ويدخلَ فيه مِنَ الهواءِ؛ نفَسٍ في الشتاءِ، ونفَسٍ في الصَّيفِ. وفي هذا إشارةٌ إلى أنَّ عذابَ النَّارِ منه ما هو حَرٌّ، ومنه ما هو بَرْدٌ.

"الأرحامُ: همْ أقاربُ الإنسانِ،
وكلُّ مَن يَربِطُهم رابطُ نسَبٍ،
سواءٌ أكان وارثًا لهم أو غيرَ وارثٍ،
وتَتأكَّدُ الصِّلةُ به كُلَّما كان أقرَبَ إليه
نَسَبًا. وصِلةُ الرَّحمِ مِن أفضلِ الطَّاعاتِ
الَّتي يَتقرَّبُ بها العبدُ إلى ربِّه، وقدْ أمَرَ اللهُ تعالَى بها، وبيَّنَ أنَّ وَصْلَها مُوجِبٌ للمَثوبةِ."

عَنْ عَبْدُ اللَّهِ بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عَنْهُ 
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ : " **ليسَ الواصِلُ بالمُكافِئِ، ولَكِنِ الواصِلُ الذي إذا قُطِعَتْ
رَحِمُهُ وصَلَها "

• رواهُ البخاريّ ?**

"إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ بالِغُ المَغفِرةِ لذُنوبِ عِبادِه، عَظيمُ الرَّحمةِ بهم، والقُنوطُ مِن رَحمتِه فيه
ظَنُّ ما لا يَلِيقُ باللهِ جلَّ وعلا؛ فإنَّ اللَّائقَ
أنَّ مَن لَجَأ إليه لا يُخَيِّبُه ولا يَرُدُّه."

عَنْ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ 
قَالَ: سَمِعْتُ النبيَّ ﷺ، قَبْلَ وَفَاتِهِ
بثَلَاثٍ يقولُ: "لا يَمُوتَنَّ أَحَدُكُمْ إلَّا
وَهو يُحْسِنُ باللَّهِ الظَّنَّ."

[  رواه مُسْلِم.? ]

‏من فوائد الذكر :

‏أن كثرة ذكر ﷲ ﷻ أمان من النفاق، فإن المنافقين قليلو الذكر لله، قال ﷲ في المنافقين ﴿ولا يَذكُرونَ اللَّهَ إلّا قَليلًا﴾ قال كعب: من أكثر من ذكر ﷲ برئ من النفاق. والله أكرم من أن يبتلي قلباً ذاكراً بالنفاق، وإنما ذلك لقلوب غفلت عن ذكر ﷲ  .

‏

الوابل الصيب لابن القيم رحمه الله

قال ابن الجوزي رحمه الله :

يا طالب الجنة!
بذنبٍ واحدٍ أُخرج أبوك منها، أتطمع في دخولها بذنوب لم تتب عنها ؟!.

?التبصرة (٢٩٨)

قال قتادة- رحمه الله :

منْ أُعْطِيَ مـالًا أو جَـمـالًا وثِـيـابًا وعِـلْـمًـا

ثُــمَّ لــم يـتــواضَــعْ كـان عـلـيـه وَبـالًا يـوم الـقـيـامـة .

?ابن أبي الدنيا في التواضع و الخمول ٩٠

• سر تكرار بعض أفعال الصلاة:

وقد شرع له تكرير هذه الأفعال والأقوال، إذ هي غذاء القلب والروح التي لا قِوامَ لهما إلَّا بها، فكان تكريرها بمنزلة تكرير الأكل حتى يُشبِع، والشرب حتى يُروي، فلو تناول الجائع لقمة واحدة وأقلع عن الطعام، ماذا كانت تُغني عنه؟
ولهذا قال بعض السلف: «مثل الذي يصلي ولا يطمئن في صلاته كمثل الجائع، إذا قُدِّم إليه طعام فتناول منه لقمةً أو لقمتين، ماذا تُغنِي عنه؟».

هذا، وفي إعادة كل قول أو فعل من العبودية والقرب، وتنزيل الثانية منزلة الشكر على الأولى، وحصول مزيدٍ منها، وإقبالٍ وقوة قلب، وانشراح صدر، وزوال دَرَنٍ ووسخٍ عن القلب، بمنزلة غسل الثوب مرة بعد مرة؛ فهذه حكمة الله التي بهرت العقول في خلقه وأمره، ودلَّت على كمال رحمته ولطفه.

• ذوق الصلاة | ابن القيم