هَناك من يجد في حديث الفسيلة نبراسًا له، فتجدهُ يضع الخير أينما حلّ وحيث ارتحل، بل تمتد أياديه بالسخاء وهو على بُعد احتمالات هائلة لصاروخٍ يهبط على رأسه من يهوديّ مارق لتصعد روحه ويُغلق ملف حياته، أهل غزة والتلاحم والترابط وهم على أرض الأهوال يضربون مثلاً صريحًا في قيام الساعة وهم يقبلون بكل ما يدّخرونه من إمكانيات وقدرات ليزرعوا أعمالاً طيبة ويمضون غير آبهين بطول الحياة وقصرها.

العلاقاتُ تستوجبُ البذل في سبيلِ نموّها، فما أعجب الإنسان يرصفُ قوائم رغباتٍ من صاحبه وهو متفرجٌ لا يُقْبِلُ تهلّلاً وبِشْرًا ولا يبسط يدَ تودّدٍ ولا محبّة، لا يؤدي حقوقًا ولا يقدّم واجبًا عليه ثم هو بعد كل ذلك ناقمٌ من صاحبه مستوحشٌ من صدوده ..

العلاقات تستلزمُ أطرافًا يشعرون بالمسؤولية تجاهها ويقدمون ما يتطلبهُ سياق علاقتهم "زواج، صداقة، أُبوّه، أُخوّة .. الخ" وهم إن لم يجدوا ما يسدُّ رمقهم، يكونون في مقامِ من أدّى ما عليه ورفع عن نفسه العذر والملامة ولا يضرّه ما فعلهُ صاحبه بعد ذلك، إن شَهِد إحسانًا فنعمّا ما ناله وقطفه من ثمر وهنيئًا لهُ أداء أمانته، وإن شهِد إعراضًا فالعذر قُدّم والحياة تحثّ خطها وتُتجاوز بالسلوى.

كلما كانت المُدخلات نقيّة رفيعة انسحب ذلك على المُخرجات وجودتها، فالعلوّ في شأنٍ ما لا يتنزل إلا لمن أغترف وافرًا من ميدانه الأصيل، لينال بعد التطواف الصادق = نهرًا يخصّه تتضح فيه بصمته المتفرّدة في بابه.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مساكم الله بالخير يا كرام

ألقيت اليوم محاضرة قصيرة بعنوان “كيف ننقذ أطفالنا؟” وهي عن أسباب حدوث الإعاقة والوقاية منها، وبين يديكم مسودة المحاضرة عسى الله أن ينفع بها ولو واحدًا.

التطبيق أذهلني حقًا في بدايات استكشافه، فتحت حسابي فيه ٢٠١٥ وهجرته، والآن تغيّر جذريًا، بعض المزايا:
- يوفّر التحكم بخط الكتاب
- نمط ليلي
- إمكانية النسخ والمشاركة
- ومكتبة ضخمة بسعر زهيد يساوي شراء كتابين أو ثلاثة ..

الفراغُ موطنُ الضياعِ والهلاك، فالنفسُ إذا لم تُعسف للخير وتُشغل بالمعالي، جرّت صاحبها لمزالق ومهاوي الباطل، ومن أردى ما يُبتلى بهِ القلبُ تعلُّقٌ بلا أصل واتباعٌ واتصالٌ بلا وجهة ولا خارطة، فتعيش النفس تقتاتُ على شيء لا تدري عن آخر شطآنه فتصرف عُمرًا على سرابٍ يحسبهُ الظمآنُ موردًا وهو في حقيقتهِ هباء.

فكن على نباهة من بوابة قلبك، وتفطّن لمن يمرُّ عليك ويقرع رحابك، فالمشاعرُ تُغذّى لتكبر وتسيطر، وتُقطع عنها الموارد لتضمر وتتلاشى، وهي ما بين ذلك ينبض لها عرقٍ ويموت منها آخر، والمسألة ليست بدعًا ولا خيالاتٍ تنسج بل حقيقة تمارس بعزمٍ وتصدق لمن صَدق.

ودُنياكَ قنطرة لأُخراك وهي وإن طالت قصيرة، ولا يرشدُ بمن هذهِ حالهُ أن يبدّد العُمر في شوقٍ مُهْلِك وحنينٍ مُقْعِد وفقدٍ موجعٍ وترقّبٍ لا يفتر، ومن ذاقَ أو عَلِم حال العشّاق على مرّ الأزمان لم يجد منهم آمنًا مستريحًا إلا من نال بغيتهُ وتحقّقت أمانيهِ بعقدٍ أبديّ، فإن لم تجد ولم تأمل بوادر الخلود فقد حكمت على نفسك بعذابٍ مرير يحقن أيامك بأهواله فتذهل عن عامود أمرك وحكمة وجودك.

يغتالُ تعاقب السنين البريق؛ لتُسلبُ مكانتهُ في العيون ولهفته في القلوب ويحلّ محلّه الإلْفُ والاعتياد، فإن كان صاحب معدنٍ خُلّد وبقي لأصالةِ الباطن، وإن كان ظاهريُّ الحُسْن سقط بالكليّة وأُهْدِرَ قدره.

الكَمال الذي يُطلب في الآخر غير متحقّق، لذلك كان التركيز على الجوانبِ التي تُميّز العلاقة والركائز الحسنة فيها مدعاةٌ لمزيدِ غشاوةٍ عن ما لا يَحسن ولا يُرضي، وهذا مبسوطٌ في قوله ﷺ عن الأزواج "لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خُلقًا رضي منها خُلقًا آخر"
نَقّب عن مناراتِ الجمال في علاقاتك وارصده وضخّمه في نفسك واستأنس بوجوده فالكمال مرفوعٌ حتى من نفسك الذي تملك منها زمامَ الأمر والنهي.

من أقامَ علاقةً وهو يتوجّس انهيارها فمِن المحتمل أن يتصرّف على هذا الأساس؛ ليشهدَ حطامها ويتحقّق زوالها، لذلك كانت نيّة الديمومة مدعاة لتقديمِ الخير وبذل الواجب وتحقيق الإحسان ليحصل الإنسجامُ وتزهر الأُلفة وتكون الأيامُ وارفة الظلال طيبةَ المسير.

ماضِيك الذي حثثت فيه همّتك للمراقي، وأجلبت بعقلك سيفًا تسلّهُ على أهواءك لتنال شَرف المعالي، تلك الطُرق التي شققت والمفاوز التي تقحّمت؛ هي جسرك المُمهّد وطريقك المعبّد لآمالك التي ترقبها وأهدافك التي تنشدها فالشأنُ للمرء كما قال أحمد أمين "نجاحهُ فيما أدرك، عُدّة له فيما لم يُدرك".